أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ٢٩٢
يعقوب بن شيبة قال: حدثنا قيس بن حفص قال: حدثنا الفضل بن سليمان النميري قال:
حدثنا غالب بن ربيعة بن قيس النميري قال: أخبرني قرة بن دعموص النميري قال: أتيت أنا وعمي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن لي عند هذا دية أبي فمره أن يعطينيها! قال:
" أعطه دية أبيه " وكان قتل في الجاهلية، قلت: يا رسول الله هل لأمي فيها حق؟ قال:
" نعم " وكان ديته مائة من الإبل. فقد حوى هذا الخبر أحكاما: منها أن المسلم والكافر في الدية سواء، لأنه أخبر أنه قتل في الجاهلية. ومنها أن المرأة ترث من دية زوجها.
ومنها أن الدية مائة من الإبل، ولا خلاف بين السلف وفقهاء الأمصار في ذلك، والله أعلم.
باب أسنان الإبل في دية الخطأ قال أبو بكر: اختلف السلف في ذلك، فروى علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود في دية الخطأ أخماسا: " عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنات مخاض وعشرون بنو مخاض وعشرون بنات لبون ". وعن عمر بن الخطاب أخماسا أيضا. وروى عاصم بن ضمرة وإبراهيم عن علي في دية الخطأ أرباعا: " خمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون بنات مخاض وخمس وعشرون بنات لبون أربعة أسنان مثل أسنان الزكاة ". وقال عثمان وزيد بن ثابت: " في الخطأ ثلاثون بنات لبون وثلاثون جذعة وعشرون بنو لبون وعشرون بنات مخاض "، وروي عنهما مكان الجذاع الحقاق.
قال أبو بكر: واتفق فقهاء الأمصار أصحابنا ومالك والشافعي أن دية الخطأ أخماس، إلا أنهم اختلفوا في الأسنان من كل صنف، فقال أصحابنا جميعا: عشرون بنات مخاض وعشرون بنو مخاض وعشرون بنات لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة "، وقال مالك والشافعي: " عشرون بنات مخاض وعشرون بنو لبون وعشرون بنات لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة ". وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا أحمد بن داود بن توبة التمار قال: حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا حجاج بن أرطاة عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك عن عبد الله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الدية في الخطأ أخماسا ". واتفق الفقهاء على استعمال هذا الخبر في الأخماس يدل على صحته، ولم يبين فيه كيفية الأسنان، فروى منصور عن إبراهيم عن ابن مسعود في دية الخطأ أخماسا وذكر الأسنان مثل قول أصحابنا، فهذا يدل على أن الأخماس التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم كانت على هذا الوجه، لأنه غير جائز أن يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ثم يخالفه إلى غيره.
فإن قيل: خشف بن مالك مجهول. قيل له: استعمال الفقهاء لخبره في إثبات
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»