تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٤٣
من الكفرة بجعل الأصابع في الآذان من الصواعق حذر الموت وتحيرهم بشدة الأمر بأنهم كلما أضاء لهم انتهزوا الفرصة فمشوا قليلا وإذا أظلم عليهم وقفوا متحيرين والمثل الأول يجري فيه الوجهان (يا أيها الناس) لما ذكر تعالى فرق المكلفين وأحوالهم التفت إليهم بالخطاب تنشيطا للسامع وروي أن لذة النداء أزالت مشقة التكليف (اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) أي خلقكم لتتقوه أي تعبدوه أو لعلكم تتقون النار ولعل من الله واجب (الذي جعل لكم الأرض فراشا) جعلها ملائمة لطبائعكم موافقة لأجسادكم مطاوعة لحرثكم وأبنيتكم ودفن موتاكم ولا ينافي كرويتها لعظم حجمها (والسماء بناء) سقفا محفوظا وقبة مضروبة عليكم يدير الكواكب لمنافعكم (وأنزل من السماء) من السحاب أو مما فوقه إليه ومنه إلى الأرض (ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) أي بسببه بأن جعله سببا في خروجها أو مادة لها (فلا تجعلوا لله أندادا) أشباها وأمثالا نهي معطوف على اعبدوا أو نفي منصوب بإضمار أن جوابا له (وأنتم تعلمون) أن الأنداد لا تقدر على شئ من ذلك والجملة حال من فاعل تجعلوا (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله) صفة سورة أي كائنة من مثله والضمير لما ومن للتبعيض وللتبيين أو زائدة أي مماثلة للقرآن في الطبقة أو لعبدنا ومن للابتداء أي بسورة كائنة ممن هو على حاله لم يقرأ الكتاب ولم يأخذ من العلماء (وادعوا) إلى المعارضة (شهداءكم) كل من حضركم (من دون الله) أي غير الله لأنه حاضر قادر على ذلك أو ادعوا من دون الله من يشهدون بصدقكم أي تشهدوا بالله كما يفعله العاجز عن البينة أو المعنى ادعوا الذين اتخذتموهم آلهة من دون الله وزعمتم أنهم يشهدون لكم يوم القيامة ليعينوكم في المعارضة (إن كنتم صادقين) إن محمدا يقوله من تلقاء نفسه (فإن لم تفعلوا) لم تأتوا (ولن تفعلوا) ولا يكون هذا منكم أبدا (فاتقوا النار التي وقودها) حطبها (الناس والحجارة) حجارة الكبريت لأنها أشد الأشياء حرا أو الأصنام التي نحتوها لقوله إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم وجئ بأن التي للشك مكان إذ التي للوجوب تهكما بهم وعبر عن الإتيان بالفعل الأعم منه إيجازا وفيه إخبار بالغيب أنهم لن يفعلوا كما دل عليها ثبوت إعجاز المتحدي وتعريف النار للعهد.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»