تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٨٤
عنه ماله وما كسب - 2. سيصلى نارا ذات لهب - 3. وامرأته حمالة الحطب - 4. في جيدها حبل من مسد - 5.
(بيان) وعيد شديد لأبي لهب بهلاك نفسه وعمله وبنار جهنم ولامرأته، والسورة مكية.
قوله تعالى: " تبت يدا أبي لهب وتب " التب والتباب هو الخسران والهلاك على ما ذكره الجوهري، ودوام الخسران على ما ذكره الراغب، وقيل: الخيبة، وقيل الخلو من كل خير والمعاني - كما قيل - متقاربة فيد الانسان هي عضوه الذي يتوصل به إلى تحصيل مقاصده وينسب إليه جل أعماله، وتباب يديه خسرانهما فيما تكتسبانه من عمل وإن شئت فقل: بطلان أعماله التي يعملها بهما من حيث عدم انتهائها إلى غرض مطلوب وعدم انتفاعه بشئ منها وتباب نفسه خسرانها في نفسها بحرمانها من سعادة دائمة وهو هلاكها المؤبد.
فقوله: " تبت يدا أبي لهب وتب " أي أبو لهب، دعاء عليه بهلاك نفسه وبطلان ما كان يأتيه من الأعمال لاطفاء نور النبوة أو قضاء منه تعالى بذلك.
وأبو لهب هذا هو أبو لهب بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان شديد المعاداة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مصرا في تكذيبه مبالغا في إيذائه بما يستطيعه من قول وفعل وهو الذي قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: تبا لك لما دعاهم إلى الاسلام لأول مرة فنزلت السورة ورد الله التباب عليه.
وذكر بعضهم أن أبا لهب اسمه وإن كان في صورة الكنية، وقيل: اسمه عبد العزى وقيل: عبد مناف وأحسن ما قيل في ذكره في الآية بكنيته لا باسمه أن في ذلك تهكما به لان أبا لهب يشعر بالنسبة إلى لهب النار كما يقال أبو الخير وأبو الفضل وأبو الشر في النسبة إلى الخير والفضل والشر فلما قيل: " سيصلى نارا ذات لهب " فهم منه أن قوله: " تبت يدا أبي لهب " في معنى قولنا: تبت يدا جهنمي يلازم لهبها.
وقيل: لم يذكر باسمه وهو عبد العزى لان عزى اسم صنم فكره أن يعد بحسب اللفظ عبدا لغير الله وهو عبد الله وإن كان الاسم إنما يقصد به المسمى.
قوله تعالى: " ما أغنى عنه ماله وما كسب " ما الأولى نافية وما الثانية موصولة
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»
الفهرست