تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٨٦
فقد ظهر بذلك أن أبا لهب كان في اختياره أن يؤمن وينجو بذلك عن النار التي كان من المقضي المحتوم أن يدخلها بكفره.
ومن هذا الباب الآيات النازلة في كفار قريش أنهم لا يؤمنون كقوله: " إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " البقرة: 6، وقوله: " لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون " يس: 7، ومن هذا الباب أيضا آيات الطبع على القلوب.
(بحث روائي) في المجمع في قوله تعالى: " وأنذر عشيرتك الأقربين " عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية صعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصفا فقال: يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش فقالوا:
ما لك؟ فقال: أرأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم وممسيكم ما كنتم تصدقونني؟
قالوا: بلى. قال: فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد قال أبو لهب: تبا لك ألهذا دعوتنا جميعا؟ فأنزل الله عز وجل " تبت يدا أبي لهب ".
أقول: ورواه أيضا في تفسير السورة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ولم يذكر فيه كون الدعوة عند نزول آية " وأنذر عشيرتك " الآية.
وفيه أيضا عن طارق المحاربي قال: بينما أنا بسوق ذي المجاز إذا أنا بشاب يقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، وإذا برجل خلفه يرميه قد أدمى ساقيه وعرقوبيه ويقول: يا أيها الناس إنه كذاب فلا تصدقوه: فقلت: من هذا؟ فقالوا: هو محمد يزعم أنه نبي وهذا عمه أبو لهب يزعم أنه كذاب.
وفي قرب الاسناد بإسناده إلى موسى بن جعفر عليه السلام في حديث طويل يذكر فيه آيات النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من ذلك أن أم جميل امرأة أبي لهب أتته حين نزلت سورة تبت ومع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر بن أبي قحافة فقال: يا رسول الله هذه أم جميل محفظة اي مغضبة تريدك ومعها حجر تريد ان ترميك به فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنها لا تراني فقالت لأبي بكر: أين صاحبك؟ قال: حيث شاء الله قالت: جئته ولو أراه لرميته فإنه هجاني واللات والعزى إني لشاعرة فقال أبو بكر: يا رسول الله لم ترك؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم:
لا. ضرب الله بيني وبينها حجابا.
أقول: وروي ما يقرب منه بغير واحد من طرق أهل السنة.
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست