تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣١١
52، ومن هذا الباب قول موسى على ما حكى الله عنه: " فعلتها إذا وأنا من الضالين " الشعراء: 20 أي لم أهتد بهدى الرسالة بعد.
ويقرب منه ما قيل: إن المراد بالضلال الذهاب من العلم كما في قوله: " أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى " البقرة: 282، ويؤيده قوله: " وإن كنت من قبله لمن الغافلين " يوسف: 3.
وقيل المعنى وجدك ضالا بين الناس لا يعرفون حقك فهداهم إليك ودلهم عليك.
وقيل: إنه إشارة إلى ضلاله في طريق مكة حينما كانت تجئ به حليمة بنت أبي ذؤيب من البدو إلى جده عبد المطلب على ما روي.
وقيل: إشارة إلى ما روي من ضلاله في شعاب مكة صغيرا.
وقيل: إشارة إلى ما روي من ضلاله في مسيره إلى الشام مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة.
وقيل: غير ذلك وهي وجوه ضعيفة ظاهرة الضعف.
قوله تعالى: " ووجدك عائلا فأغنى " العائل الفقير الذي لا مال له وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم فقيرا لا مال له فأغناه الله بعد ما تزوج بخديجة بنت خويلد عليهما السلام فوهبت له مالها وكان لها مال كثير، وقيل المراد بالاغناء استجابة دعوته.
قوله تعالى: " فأما اليتيم فلا تقهر " قال الراغب: القهر الغلبة والتذليل معا ويستعمل في كل واحد منهما، انتهى.
قوله تعالى: " وأما السائل فلا تنهر " النهر هو الزجر والرد بغلظة.
قوله تعالى: " وأما بنعمة ربك فحدث " التحديث بالنعمة ذكرها قولا وإظهارها فعلا وذلك شكرها، وهذه الأوامر عامة للناس وان كانت موجهة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والآيات الثلاث متفرعة على الآيات الثلاث التي تسبقها وتذكر نعمه تعالى عليه كأنه قيل: فقد وجدت ما يجده اليتيم من ذلة اليتيم وانكساره فلا تقهر اليتيم باستذلاله في نفسه أو ماله، ووجدت مرارة حاجة الضال إلى الهدى والعائل إلى الغنى فلا تزجر سائلا يسألك رفع حاجته إلى هدى أو معاش، ووجدت ان ما عندك نعمة أنعمها عليك ربك بجوده وكرمه ورحمته فاشكر نعمته بالتحديث بها ولا تسترها.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست