فللفعل نسبة إليه كما له نسبة إلى الناس.
وقيل: المراد بالاقبار جعله ذا قبر ومعنى جعله ذا قبر أمره تعالى بدفنه تكرمة له لتتوارى جيفته فلا يتأذى بها الناس ولا يتنفروا.
والوجه المتقدم أنسب لسياق الآيات المسرود لتذكير تدبيره تعالى التكويني للانسان دون التدبير التشريعي الذي عليه بناء هذا الوجه.
قوله تعالى: " ثم إذا شاء أنشره " في المجمع: الانشار الاحياء للتصرف بعد الموت كنشر الثوب بعد الطي. انتهى، فالمراد به البعث إذا شاء الله، وفيه إشارة إلى كونه بغتة لا يعلمه غيره تعالى.
قوله تعالى: " كلا لما يقض ما أمره " الذي يعطيه السياق أن " كلا " ردع عن معنى سؤال يستدعيه السياق ويلوح إليه قوله: " لما يقض ما أمره " كأنه لما أشير إلى أن الانسان مخلوق مدبر له تعالى من أول وجوده إلى آخره من خلق وتقدير وتيسير للسبيل وإماتة وإقبار وإنشار وكل ذلك نعمة منه تعالى سئل فقيل: فماذا صنع الانسان والحال هذه الحال وهل خضع للربوبية أو هل شكر النعمة فأجيب وقيل: كلا، ثم أوضح فقيل:
لما يقض ما أمره الله به بل كفر وعصى.
فقد ظهر مما تقدم أن ضمير " يقض " للانسان والمراد بقضائه إتيانه بما أمر الله به، وقيل: الضمير لله تعالى والمعنى لما يقض الله لهذا الكافر أن يأتي بما أمره به من الايمان والطاعة بل إنما أمره بما أمر إتماما للحجة، وهو بعيد.
وظهر أيضا أن ما في الآيات من الذم واللائمة إنما هو للانسان بما في طبعه من الافراط في الكفر كما في قوله: " إن الانسان لظلوم كفار " إبراهيم: 34 فينطبق على من تلبس بالكفر وأفرط فيه بالعناد ومنه يظهر عدم استقامة ما نقل عن بعضهم أن الآية على العموم في الكافر والمسلم لم يعبده أحد حق عبادته.
وذلك أن الضمير للانسان المذكور في صدر الآيات بما في طبعه من داعية الافراط في الكفر وينطبق على من تلبس به بالفعل.
قوله تعالى: " فلينظر الانسان إلى طعامه " متفرع على ما تقدم تفرع التفصيل على الاجمال ففيه توجيه نظر الانسان إلى طعامه الذي يقتات به ويستمد منه لبقائه وهو واحد مما لا يحصى مما هيأه التدبير الربوبي لرفع حوائجه في الحياة حتى يتأمله فيشاهد سعة