تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢١٣
(بيان) تذكر السورة يوم القيامة بذكر بعض أشراطها وما يقع فيها وتصفه بأنه يوم ينكشف فيه للانسان ما عمله من عمل ثم تصف القرآن بأنه مما ألقاه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رسول سماوي وهو ملك الوحي وليس يإلقاء شيطاني ولا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجنون يمسه الشيطان.
ويشبه أن تكون السورة من السور العتائق النازلة في أوائل البعثة كما يشهد به ما فيها من تنزيهه صلى الله عليه وآله وسلم مما رموه به من الجنون وقد اتهموه به في أوائل الدعوة وقد اشتملت على تنزيهه منه سورة " ن " وهي من العتائق.
والسورة مكية بلا كلام.
قوله تعالى: " إذا الشمس كورت " التكوير اللف على طوق الإدارة كلف العمامة على الرأس، ولعل المراد بتكوير الشمس انظلام جرمها على نحو الإحاطة استعارة.
قوله تعالى: " وإذا النجوم انكدرت " انكدار الطائر من الهواء انقضاضه نحو الأرض، وعليه فالمراد سقوط النجوم كما يفيده قوله: " وإذا الكواكب انتثرت " الانفطار: 2 ويمكن أن يكون من الانكدار بمعنى التغير وقبول الكدورة فيكون المراد به ذهاب ضوئها.
قوله تعالى: " وإذا الجبال سيرت " بما يصيبها من زلزلت الساعة التسيير فتندك وتكون هباء منبثا وتصير سرابا على ما ذكره سبحانه في مواضع من كلامه.
قوله تعالى: " وإذا العشار عطلت " قيل: " العشار جمع عشراء كالنفاس جمع نفساء وهي الناقة الحامل التي أتت عليها عشرة أشهر فتسمى عشراء حتى تضع حملها وربما سميت عشراء بعد الوضع أيضا وهي من أنفس المال عند العرب.
وتعطيل العشار تركها مهملة لا راعي لها ولا حافظ يحفظها وكأن في الجملة إشارة على نحو الكناية إلى أن نفائس الأموال التي يتنافس فيها الانسان تبقى اليوم ولا صاحب لها يتملكها ويتصرف فيها لأنهم مشغولون بأنفسهم عن كل شئ كما قال: " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " عبس: 37.
قوله تعالى: " وإذا الوحوش حشرت " الوحوش جمع وحش وهو من الحيوان مالا يتأنس بالانسان كالسباع وغيرها.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست