وقوله: " وفاكهة وأبا " قيل: الفاكهة مطلق الثمار، وقيل: ما عدا العنب والرمان. قيل: ان ذكر ما يدخل في الفاكهة أولا كالزيتون والنخل للاعتناء بشأنه والأب الكلاء والمرعى.
وقوله: " متاعا لكم ولأنعامكم " مفعول له أي أنبتنا ما أنبتنا مما تطعمونه ليكون تمتيعا لكم وللأنعام التي خصصتموها بأنفسكم.
والالتفات عن الغيبة إلى الخطاب في الآية لتأكيد الامتنان بالتدبير أو بإنعام النعمة.
قوله تعالى: " فإذا جاءت الصاخة " إشارة إلى ما ينتهي إليه ما ذكر من التدبير العام الربوبي للانسان بما أن فيه أمرا ربوبيا إلهيا بالعبودية يقضيه الانسان أولا يقضيه وهو يوم القيامة الذي يوفي فيه الانسان جزاء أعماله.
والصاخة: الصيحة الشديدة التي تصم الاسماع من شدتها، والمراد بها نفخة الصور.
قوله تعالى: " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه " إشارة إلى شدة اليوم فالذين عدوا من أقرباء الانسان وأخصائه هم الذين كان يأوى إليهم ويأنس بهم ويتخذهم أعضادا وأنصارا يلوذ بهم في الدنيا لكنه يفر منهم يوم القيامة لما أن الشدة أحاطت به بحيث لا تدعه يشتغل بغيره ويعتني بما سواه كائنا من كان فالبلبلة إذا عظمت واشتدت وأطلت على الانسان جذبته إلى نفسها وصرفته عن كل شئ.
والدليل على هذا المعنى قوله بعد: " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " أي يكفيه من أن يشتغل بغيره.
وقيل: في سبب فرار الانسان من أقربائه وأخصائه يومئذ وجوه أخر لا دليل عليها أغمضنا عن إيرادها.
قوله تعالى: " وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة " بيان لانقسام الناس يومئذ إلى قسمين: أهل السعادة وأهل الشقاء، وإشارة إلى أنهم يعرفون بسيماهم في وجوههم وإسفار الوجه إشراقه وإضاءته فرحا وسرورا واستبشاره تهلله بمشاهدة ما فيه البشرى.
قوله تعالى: " ووجوه يومئذ عليها غبرة " هي الغبار والكدورة وهي سيماء الهم والغم.
قوله تعالى: " ترهقها قترة " أي يعلوها ويغشاها سواد وظلمة، وقد بين حال الطائفتين في الآيات الأربع ببيان حال وجوههما لان الوجه مرآة القلب في سروره ومساءته.
قوله تعالى: " أولئك هم الكفرة الفجرة " أي الجامعون بين الكفر اعتقادا والفجور