تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٧٥
الانسانية العامة كما يفيده قوله تعالى وهو في معنى هذه الآية: " أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها " الانعام: 122 فقد عد المؤمن حيا ذا نور يمشي به وهو أثر الروح والكافر ميتا وهو ذو روح منفوخة فللمؤمن روح ليست للكافر دات أثر ليس فيه.
ومن ذلك يظهر أن من مراتب الروح ما هو في الثبات لما فيه من أثر الحياة يدل على ذلك الآيات المتضمنة لاحياء الأرض بعد موتها.
ومن الروح الروح المؤيد بها الأنبياء قال: " وأيدناه بروح القدس " البقرة 87 وسياق الآيات يدل على كون هذه الروح أشرف وأعلى مرتبة من غيرها مما في الانسان.
وأما قوله: " يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق " المؤمن:
15، وقوله: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " الشورى 52 فيقبل الانطباق على روح الايمان وعلى روح القدس والله أعلم.
وقد تقدم بعض ما ينفع من الكلام في المقام في ذيل هذه الآيات الكريمة.
قوله تعالى: " ذلك اليوم الحق " إشارة إلى يوم الفصل المذكور في السورة الموصوف بما مر من الأوصاف وهو في الحقيقة خاتمة الكلام المنعطفة إلى فاتحة السورة وما بعده أعني قوله: " فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا " الخ فضل تفريع على البيان السابق.
والإشارة إليه بالإشارة البعيدة للدلالة على فخامة أمره والمراد بكونه حقا ثبوته حتما مقضيا لا يتخلف عن الوقوع.
قوله تعالى: " فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا " أي مرجعا إلى ربه ينال به ثواب المتقين وينجو به من عذاب الطاغين، والجملة كما أشرنا إليه تفريع على ما تقدم من الاخبار بيوم الفصل والاحتجاج عليه ووصفه، والمعنى إذا كان كذلك فمن شاء الرجوع إلى ربه فليرجع.
قوله تعالى: " إنا أنذرناكم عذابا قريبا " الخ المراد به عذاب الآخرة، وكونه قريبا لكونه حقا لا ريب في إتيانه وكل ما هو آت قريب.
على أن الأعمال التي سيجزى بها الانسان هي معه أقرب ما يكون منه.
وقوله: " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " أي ينتظر المرء جزاء أعماله التي قدمتها يداه بالاكتساب، وقيل: المعنى ينظر المرء إلى ما قدمت يداه من الأعمال لحضورها عنده قال
(١٧٥)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست