الفرقان: 57، ومعناه على ما مر في تفسير الآية: إلا أن يشاء أحد منكم أن يتخذ إلى ربه سبيلا أي يستجيب دعوتي باختياره فهو أجري أي لا شئ هناك وراء الدعوة أي لا أجر.
وقال تعالى في هذه السورة: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) فجعل أجر رسالته المودة في القربى، ومن المتيقن من مضامين سائر الآيات التي في هذا المعنى أن هذه المودة أمر يرجع إلى استجابة الدعوة إما استجابة كلها وإما استجابة بعضها الذي يهتم به وظاهر الاستثناء على أي حال أنه متصل بدعوى كون المودة من الاجر ولا حاجة إلى ما تمحله بعضهم بتقريب الانقطاع فيه.
وأما معنى المودة في القربى فقد اختلف فيه تفاسيرهم فقيل - ونسب إلى الجمهور - أن الخطاب لقريش والاجر المسؤول هو مودتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لقرابته منهم وذلك لأنهم كانوا يكذبونه ويبغضونه لتعرضه لآلهتهم على ما في بعض الاخبار فأمر صلى الله عليه وآله وسلم أن يسألهم: أن لم يؤمنوا به فليودوه لمكان قرابته منهم ولا يبغضوه ولا يؤذوه فالقربى مصدر بمعنى القرابة، وفي للسببية.
وفيه أن معنى الاجر إنما يتم إذا قوبل به عمل يمتلكه معطي الاجر فيعطي العامل ما يعادل ما امتلكه من مال ونحوه فسؤال الاجر من قريش وهم كانوا مكذبين له كافرين بدعوته إنما كان يصح على تقدير إيمانهم به صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم على تقدير تكذيبه والكفر بدعوته لم يأخذوا منه شيئا حتى يقابلوه بالاجر، وعلى تقدير الايمان به و - النبوة أحد الأصول الثلاثة في الدين - لا يتصور بغض حتى تجعل المودة أجرا للرسالة ويسأل.
وبالجملة لا تحقق لمعنى الاجر على تقدير كفر المسؤولين ولا تحقق لمعنى البغض على تقدير إيمانهم حتى يسألوا المودة.
وهذا الاشكال وارد حتى على تقدير أخذ الاستثناء منقطعا فإن سؤال الاجر منهم على أي حال إنما يتصور على تقدير إيمانهم والاستدراك على الانقطاع إنما هو عن الجملة بجميع قيودها فأجد التأمل فيه.
وقيل: المراد بالمودة في القربى ما تقدم والخطاب للأنصار فقد قيل: إنهم