تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٤٨
بطلانه مما ذكرناه، والآية بقياس مدلولها إلى الآيات النافية لسؤال الاجر نظيرة قوله تعالى: (قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) الفرقان: 57.
قال في الكشاف بعد اختياره هذا الوجه: فإن قلت: هلا قيل: إلا مودة القربى أو إلا المودة للقربى، وما معنى قوله: إلا المودة في القربى؟
قلت: جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها كقولك: لي في آل فلان مودة، ولي فيهم هوى وحب شديد، تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله.
قال: وليست في بصلة للمودة كاللام إذا قلت: إلا المودة للقربى. إنما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك: المال في الكيس، وتقديره: إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها. انتهى.
قوله تعالى: (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور) الاقتراف الاكتساب، والحسنة الفعلة التي يرتضيها الله سبحانه ويثيب عليها وحسن العمل ملاءمته لسعادة الانسان والغاية التي يقصدها كما أن مساءته وقبحه خلاف ذلك، وزيادة حسنها إتمام ما نقص من جهاتها وإكماله ومن ذلك الزيادة في ثوابها كما قال تعالى: (ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون) العنكبوت: 7، وقال:
(ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله) النور: 38.
والمعنى: ومن يكتسب حسنة نزد له في تلك الحسنة حسنا - برفع نقائصها وزيادة أجرها - إن الله غفور يمحو السيئات شكور يظهر محاسن العمل من عامله.
وقيل: المراد بالحسنة مودة قربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويؤيده ما في روايات أئمة أهل البيت عليه السلام أن قوله: (قل لا أسألكم عليه أجرا) إلى تمام أربع آيات نزلت في مودة قربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولازم ذلك كون الآيات مدنية وأنها ذات سياق واحد وأن المراد بالحسنة من حيث انطباقها على المورد هي المودة، وعلى هذا فالإشارة بقوله: (أم يقولون افترى) الخ، إلى بعض ما تفوه به المنافقون تثاقلا عن قبوله وفي المؤمنين سماعون لهم، وبقوله: (وهو الذي يقبل التوبة إلى آخر الآيتين إلى توبة الراجعين منهم وقبولها.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست