تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٤٢
قوله تعالى: (ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم) الخ، الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بعنوان أنه سامع فيشمل كل من من شأنه أن يرى، والمراد بالظالمين التار كون لدين الله الذي شرعه لعباده المعرضون عن الساعة، والمعنى: يرى الراؤون هؤلاء الظالمين يوم القيامة خائفين مما كسبوا من السيئات وهو واقع بهم لا مناص لهم عنه.
والآية من الآيات الظاهرة في تجسم الأعمال، وقيل: في الكلام مضاف محذوف والتقدير مشفقين من وبال ما كسبوا، ولا حاجة إليه.
وقوله: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات) في المجمع: إن الروضة الأرض الخضرة بحسن النبات، والجنة الأرض التي تحفها الشجر فروضات الجنات الحدائق المشجرة المخضرة متونها.
وقوله: (لهم فيها ما يشاؤن عند ربهم) أي إن نظام الأسباب مطوي فيها بل السبب الوحيد هو إرادتهم وحدها يخلق الله لهم من عنده ما يشاؤون ذلك هو الفضل الكبير.
و قوله: (ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات) تبشير للمؤمنين الصالحين، وإضافة العباد تشريفية.
قوله تعالى: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) الذي نفي سؤال الاجر عليه هو تبليغ الرسالة والدعوة الدينة، وقد حكى الله ذلك عن عدة ممن قبله صلى الله عليه وآله وسلم من الرسل كنوح وهود صالح ولوط وشعيب فيما حكي مما يخاطب كل منهم أمته: (وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين) الشعراء وغيرها.
وقد حكى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك إذ قال: (وما تسألهم عليه من أجر) يوسف:
104، وقد أمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يخاطب الناس بذلك بتعبيرات مختلفة حيث قال: (قل ما أسألكم عليه من أجر) ص 86، وقال: (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله) سبأ: 47، وقال: (قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين) الانعام: 90 فأشار إلى وجه النفي وهو أنه ذكرى للعالمين لا يختص ببعض دون بعض حتى يتخذ عليه الاجر.
وقال: (قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا)
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست