تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٤٧
من حيث بقائها ودوامها، فالآية في مؤداها لا تغاير مؤدى سائر الآيات النافية لسؤال الاجر ويؤول معناها إلى أني لا أسألكم عليه أجرا إلا أن الله لما أوجب عليكم مودة عامة المؤمنين ومن جملتهم قرابتي فإني أحتسب مودتكم لقرابتي وأعدها أجرا لرسالتي، قال تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا) مريم: 96 وقال: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) التوبة: 71.
وبذلك يظهر فساد ما أورد على هذا الوجه أنه لا يناسب شأن النبوة لما فيه من التهمة فإن أكثر طلبة الدنيا يفعلون شيئا ويسألون عليه ما يكون فيه نفع لأولادهم وقراباتهم.
وأيضا فيه منافاة لقوله تعالى: (وما تسألهم عليه من أجر) يوسف: 104.
وجه الفساد أن إطلاق الاجر عليها وتسميتها به إنما هو بحسب الدعوى وأما بحسب الحقيقة فلا يزيد مدلول الآية على ما يدل عليه الآيات الاخر النافية لسؤال الاجر كما عرفت وما في ذلك من النفع عائد إليهم فلا مورد للتهمة.
على أن الآية على هذا مدنية خوطب بها المسلمون وليس لهم أن يتهموا نبيهم المصون بعصمة إلهية بعد الايمان به وتصديق عصمته - فيما يأتيهم به من ربهم ولو جاز اتهامهم له في ذلك وكان ذلك غير مناسب لشأن النبوة لا يصلح لان يخاطب به لاطرد مثل ذلك في خطابات كثيرة قرآنية كالآيات الدالة على فرض طاعته المطلقة والدالة على كون الأنفال والغنائم لله ولرسوله، والدالة على خمس ذوي القربى، وما أبيح له في أمر النساء وغير ذلك.
على أنه تعالى تعرض لهذه التهمة ودفعها في قوله الآتي: (أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك) الآية على ما سيأتي.
وهب أنا صرفنا الآية عن هذا المعنى بحملها على غيره دفعا لما ذكر من التهمة فما هو الدافع لها عن الاخبار التي لا تحصى كثرة الواردة من طرق الفريقين في إيجاب مودة أهل البيت عنه صلى الله عليه وآله وسلم؟
وأما منافاة هذا الوجه لقوله تعالى: (وما تسألهم عليه من أجر) فقد اتضح
(٤٧)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست