تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٨
عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون - 25. ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله الكافرون لهم عذاب شديد - 26.
(بيان) فصل رابع من الآيات يعرف الوحي الإلهي بأن الدين النازل به كتاب مكتوب على الناس وميزان يوزن به أعمالهم فيجزون بذلك يوم القيامة، والجزاء الحسن من الرزق ثم يستطرد الكلام في ما يستقبلهم يوم القيامة من الثواب والعقاب، وفيها آية المودة في القربى وما يلحق بذلك.
قوله تعالى: (الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان) الخ، كان مفتتح الفصول السابقة في سياق الفعل إخبارا عن الوحي وغرضه وآثاره (كذلك يوحي إليك) (وكذلك أوحينا إليك) (شرع لكم من الدين) وقد غير السياق في مفتتح هذا الفصل فجئ بالجملة الاسمية المتضمنة لتوصيفه تعالى بإنزال الكتاب والميزان (الله الذي أنزل الكتاب) الخ، ولازمه تعريف الوحي بنزول الكتاب والميزان به.
ولعل الوجه فيه ما تقدم في الآية السابقة من ذكر المحاجة في الله (والذين يحاجون في الله) فاستدعى ذلك تعريفه تعالى للمحاجين فيه بأنه الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان، ولازمه تعريف الوحي بأثره كما عرفت.
وكيف كان فالمراد بالكتاب هو الوحي المشتمل على الشريعة والدين الحاكم في المجتمع البشري، وقد تقدم في تفسير قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة) الآية البقرة: 213 أن هذا المعنى هو المراد بالكتاب في الكتاب، وكون إنزاله بالحق نزوله مصاحبا للحق لا يخالطه اختلاف شيطاني ولا نفساني.
والميزان ما يوزن ويقدر به الأشياء، والمراد به بقرينة ذيل الآية والآيات التالية هو الدين المشتمل عليه الكتاب حيث يوزن به العقائد والأعمال فتحاسب عليه ويجزى بحسبه الجزاء يوم القيامة فالميزان هو الدين بأصوله وفروعه، ويؤيده قوله تعالى:
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست