طريق الحياة التي إصابتها أهم ما يتصور للانسان فتوهموها حياة مقطوعة فانية انكبوا فيها على شهوات الدنيا وإنما هي حياة خالدة باقية يجب عليهم أن يتزودوا من دنياهم لاخراهم لكنهم ضلوا عن سبيل الرشد فوقعوا في سبيل الغي.
قوله تعالى: (الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز) في معنى اللطف شئ من الرفق وسهولة الفعل وشئ من الدقة في ما يقع عليه الفعل فإذا تم الرفق والدقة وكان الفاعل يفعل برفق وسهولة ويقع فعله على الأمور الدقيقة كان لطيفا كالهواء النافذ في منافذ الأجسام برفق وسهولة المماس لدقائق أجزائها الباطنة. وإذا القيت الخصوصيات المادية عن هذا المعنى صح أن يتصف به الله سبحانه فإنه تعالى ينال دقائق الأمور بإحاطته وعلمه ويفعل فيها ما يشاء برفق فهو لطيف.
وقد رتب الرزق في الآية على كونه تعالى لطيفا بعباده قويا عزيزا دلالة على أنه تعالى بلطفه يغيب عنه أحد ممن يشاء أن يرزق ولا يعصيه وبقوته عليه لا يعجز عنه وبعزته لا يمنعه مانع عنه.
والمراد بالرزق ما يعم موهبة الدين الذي يتلبس بها من يشاء من عباده على ما يشهد به الآية التالية، ولذا ألحق القول فيه بقوله: (الله الذي أنزل الكتاب بالحق و الميزان.
قوله تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه) الخ، الحرث الزرع والمراد به نتيجة الأعمال التي يؤتاها الانسان في الآخرة على سبيل الاستعارة كأن الأعمال الصالحة بذور وما تنتجه في الآخرة حرث.
والمراد بالزيادة له في حرثه تكثير ثوابه ومضاعفته، قال تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) الانعام: 160، وقال: (والله يضاعف لمن يشاء) البقرة: 261.
وقوله: (ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب) أي ومن كان يريد النتائج الدنيوية بأن يعمل للدنيا ويريد نتيجة ما عمله فيها دون الآخرة نؤته من الدنيا وما له في الآخرة نصيب وفي التعبير بإرادة الحرث إشارة إلى اشتراط العمل لما يريده من الدنيا والآخرة كما قال تعالى: (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) النجم: 39