تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٦٩
أعطاهم ربهم الرؤف بهم راضين عنه وبما أعطاهم كما يفيده خصوص التعبير بالأخذ والايتاء ونسبة الايتاء إلى ربهم.
وقوله: (إنهم كانوا قبل ذلك محسنين) تعليل لما تقدمه أي إن حالهم تلك الحال لأنهم كانوا قبل ذلك أي في الدنيا ذوي إحسان في أعمالهم أي ذوي أعمال حسنة.
قوله تعالى: (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) الآيات تفسير لاحسانهم، والهجوع النوم في الليل وقيل: النوم القليل.
ويمكن أن تكون: ما زائدة و (يهجعون) خبر كانوا، و (قليلا) ظرفا متعلقا به أي في زمان قليل أو صفة لمفعول مطلق محذوف أي هجوعا قليلا (ومن الليل) متعلقا بقليلا والمعنى: كانوا ينامون في زمان قليل من الليل أو ينامون الليل نوما قليلا.
وأن تكون موصولة والضمير العائد إليها محذوفا و (قليلا) خبر كانوا والموصول فاعله والمعنى: كانوا قليلا من الليل الذي يهجعون فيه.
وأن تكون مصدرية والمصدر المسبوك منها ومن مدخولها فاعلا لقوله: (قليلا) وهو خبر (كانوا).
وعلى أي حال فالقليل من الليل إما مأخوذ بالقياس إلى مجموع زمان كل ليلة فيفيد أنهم يهجعون كل ليلة زمانا قليلا منها ويصلون أكثرها، وإما مأخوذ بالقياس إلى مجموع الليالي فيفيد أنهم يهجعون في قليل من الليالي ويقومون للصلاة في أكثرها أي لا يفوتهم صلاة الليل إلا في قليل من الليالي.
قوله تعالى: (وبالأسحار هم يستغفرون) أي يسألون الله المغفرة لذنوبهم، وقيل: المراد بالاستغفار الصلاة وهو كما ترى.
قوله تعالى: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) الآيتان السابقتان تبينان خاصة سيرتهم في جنب الله سبحانه وهي قيام الليل والاستغفار بالاسحار وهذه الآية تبين خاصة سيرتهم في جنب الناس وهي إيتاء السائل والمحروم.
وتخصيص حق السائل والمحروم بأنه في أموالهم - مع أنه لو ثبت فإنما يثبت في كل مال - دليل على أن المراد أنهم يرون بصفاء فطرتهم أن في أموالهم حقا لهما فيعملون بما يعملون نشرا للرحمة وإيثارا للحسنة.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست