تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٦٧
من حيث اشتماله على وعد البعث والجزاء، والمعنى: يصرف عن القرآن من صرف، وقيل: الضمير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمعنى: يصرف عن الايمان به من صرف، وقد عرفت أن المعنى السابق أوفق للسياق وإن كان مال المعنيين واحدا.
وحكي عن بعضهم أن ضمير (عنه) لما توعدون أو للدين أقسم تعالى أولا بالذاريات وغيرها على أن البعث والجزاء حق ثم أقسم بالسماء على أنهم في قول مختلف في وقوعه فمنهم شاك ومنهم جاحد ثم قال تعالى: يؤفك عن الاقرار بأمر البعث والجزاء من هو مأفوك. وهذا الوجه قريب من الوجه السابق.
وعن بعضهم: أن الضمير لقول مختلف و (عن) للتعليل كما في قوله تعالى: (وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك) هود: 53، فيكون الجملة صفة لقول والمعنى: إنكم لفي قول مختلف يؤفك بسببه من أفك، وهو وجه حسن.
وقيل: الضمير في (إنكم) للمسلم والكافر جميعا فيكون المراد بالقول المختلف قول المسلمين بوقوع البعث الجزاء وقول الكفار بعدم الوقوع.
ولعل السياق لا يلائمه وقيل: بعض وجوه أخر رديئة لا جدوى في التعرض له.
قوله تعالى: (قتل الخراصون الذين هم في غمرة ساهون يسألون أيان يوم الدين) أصل الخرص القول بالظن والتخمين من غير علم، ولكون القول بغير علم في خطر من الكذب يسمى الكذاب خراصا، والأشبه أن يكون المراد بالخراصين في الآية القوالين من غير علم ودليل وهم الخائضون في أمر البعث والجزاء المنكرون له بغير علم.
وفي قوله: (قتل الخراصون) دعاء عليهم بالقتل وهو كناية عن نوع من الطرد والحرمان من الفلاح واليه يؤل قول من فسره باللعن.
وقوله: (الذين هم في غمرة ساهون) الغمرة - كما ذكر الراغب - معظم الماء الساتر لمقرها، وجعل مثلا للجهالة التي تغمر صاحبها، والمراد بالسهو - كما قيل - مطلق الغفلة.
ومعنى الآية وهي تصف الخراصين: الذين هم في جهالة أحاطت بهم غافلون عن حقيقة ما أخبروا به.
وقوله: (يسألون أيان يوم الدين) ضمير الجمع للخراصين قول قالوه على طريق الاستعجال استهزاء كقولهم: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) يس: 48.
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست