تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٦٦
وكيف كان فقوله: (إن ما توعدون لصادق) جواب القسم، وقوله: (وإن الدين لواقع) معطوف عليه بمنزلة التفسير، والمعنى أقسم بكذا وكذا أن الذي توعدونه - وهو الذي يعدهم القرآن أو النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما أنزل إليه - من يوم البعث وأن الله سيجزيهم فيه بأعمالهم إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا لصادق، وإن الجزاء لواقع.
قوله تعالى: (والسماء ذات الحبك) الحبك بمعنى الحسن والزينة، وبمعنى الخلق المستوي، ويأتي جمعا لحبيكة أو حباك بمعنى الطريقة كالطرائق التي تظهر على الماء إذا تثنى وتكسر من مرور الرياح عليه.
والمعنى على الأول: أقسم بالسماء ذات الحسن والزينة نظير قوله تعالى: (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) الصافات: 6، وعلى الثاني: أقسم بالسماء ذات الخلق المستوي نظير قوله: (والسماء بنيناها بأيد) الآية: 47 من السورة وعلى الثالث أقسم بالسماء ذات الطرائق نظير قوله: (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق) المؤمنون: 17.
ولعل المعنى الثالث أظهر لمناسبته لجواب القسم الذي هو اختلاف الناس وتشتت طرائقهم كما أن الأقسام السابقة: (والذاريات ذروا) الخ كانت مشتركة في معنى الجري والسير مناسبة لجوابها: (إنما توعدون) الخ المتضمن لمعنى الرجوع إلى الله والسير إليه.
قوله تعالى: (إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك) القول المختلف ما يتناقض ويدفع بعضه بعضا وحيث إن الكلام في إثبات صدق القرآن أو الدعوة أو النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما وعدهم من أمر البعث والجزاء فالمراد بالقول المختلف - على الأقرب - قولهم المختلف في أمر القرآن لغرض إنكار ما يثبته فتارة يقولون: إنه سحر و الجائي به ساحر، وتارة يقولون: زجر والجائي به مجنون، وتارة يقولون: إلقاء شياطين الجن والجائي به كاهن، وتارة يقولون: شعر والجائي به شاعر، وتارة إنه افتراء، وتارة يقولون إنما يعلمه بشر، وتارة يقولون: أساطير الأولين اكتتبها.
وقوله: (يؤفك عنه من أفك) الإفك الصرف، وضمير (عنه) إلى الكتاب
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست