تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٨٠
الذي أرسل إليكم لمجنون) الشعراء: 27، وقال أخرى: هو ساحر كقوله: (إن هذا لساحر عليم) الشعراء: 34.
قوله تعالى: (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم) النبذ طرح الشئ من غير أن يعتد به، واليم البحر، والمليم الآتي بما يلام عليه من ألام بمعنى أتى بما يلام عليه كأغرب إذا أتى بأمر غريب.
والمعنى: فأخذناه وجنوده وهم ركنه وطرحناهم في البحر والحال أنه أتى من الكفر والجحود والطغيان بما يلام عليه، وإنما خص فرعون بالملامة مع أن الجميع يشاركونه فيها لأنه إمامهم الذي قادهم إلى الهلاك، قال تعالى: (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار) هود: 98.
وفي الكلام من الايماء إلى عظمة القدرة وهول الاخذ وهوان أمر فرعون وجنوده ما لا يخفى.
قوله تعالى: (وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) عطف على ما تقدمه أي وفي عاد أيضا آية إذ أرسلنا عليهم أي أطلقنا عليهم الريح العقيم.
والريح العقيم هي الريح التي عقمت وامتنعت من أن يأتي بفائدة مطلوبة من فوائد الرياح كتنشئة سحاب أو تلقيح شجر أو تذرية طعام أو نفع حيوان أو تصفية هواء كما قيل وإنما أثرها الاهلاك كما تشير إليه الآية التالية.
قوله تعالى: (ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم) (ما تذر) أي ما تترك)، والرميم الشئ الهالك البالي كالعظم البالي السحيق، والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: (وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين - إلى قوله - منتصرين) عطف على ما تقدمه أي وفي ثمود أيضا آية إذ قيل لهم: تمتعوا حتى حين، والقائل نبيهم صالح عليه السلام إذ قال لهم: (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب) هود: 65 قال لهم ذلك لما عقروا الناقة فأمهلهم ثلاثة أيام ليرجعوا فيها عن كفرهم وعتوهم لكن لم ينفعهم ذلك وحق عليهم كلمة العذاب.
وقوله: (فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون) العتو - على ما ذكره الراغب - النبو عن الطاعة فينطبق على التمرد، والمراد بهذا العتو العتو عن
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست