تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٦٨
والسؤال بأيان - الموضوعة للسؤال عن زمان مدخولها - عن يوم الدين وهو ظاهر في الزمان إنما هو بعناية أن يوم الدين لكونه موعودا ملحق بالزمانيات فيسأل عنه كما يسأل عن الزمانيات بأيان ومتى كما يقال: متى يوم العيد لكونه ذا شأن ملحقا لذلك بالزمانيات كذا قيل.
ويمكن أن يكون من التوسع في معنى الظرفية بأن يعد أو صاف الظرف الخاصة به ظرفا توسعا فيكون السؤال عن زمان الزمان سؤالا عن أنه بعد أي زمان أو قبل أي زمان؟ كما يقال: متى يوم العيد؟ فيجاب بأنه بعد عشرة أيام مثلا أو قبل يوم كذا، وهو توسع جار في العرف غير مختص بكلام العرب، وفي القرآن منه شئ كثير.
قوله تعالى: (يوم هم على النار يفتنون) ضمير الجمع للخراصين، والفتن في الأصل إدخال الذهب النار ليظهر جودته ثم استعمل في مطلق الاحراق والتعذيب، والظرف متعلق بفعل محذوف أو مبتدأ، والآية جواب عن سؤالهم عدل فيه عن بيان وقت يوم الدين إلى بيان صفته والإشارة إلى حالهم فيه لما أن وقته من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله قال تعالى: (لا يجليها لوقتها إلا هو).
وتقدير الآية ومعناها: يقع يوم الدين أو هو واقع يوم هم أي الخراصون في النار يعذبون أو يحرقون.
قوله تعالى: (ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون) حكاية خطاب منه تعالى أو من الملائكة بأمره للخراصين وهم يفتنون على النار يومئذ.
والمعنى: يقال لهم ذوقوا العذاب الذي يخصكم. هذا العذاب هو الذي كنتم تستعجلون به إذ تقولون استعجالا واستهزاء: أيان يوم الدين.
قوله تعالى: (إن المتقين في جنات وعيون) بيان لحال المتقين يوم الدين بعد وصف حال أولئك الخراصين.
وتنكير جنات وعيون للإشارة إلى عظم قدرها كأنها بحيث لا يقدر الواصفون على وصفها، وقد ألحقت العيون بالجنات في ظرفيتها توسعا.
قوله تعالى: (آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين) أي قابلين ما
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست