قوله تعالى: " من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها " الخ أي إن العمل قائم بصاحبه ناعت له فلو كان صالحا نافعا انتفعت به نفسه وإن كان سيئا ضارا تضررت به نفسه فليس في إيصاله تعالى نفع العمل الصالح إلى صاحبه وهو الثواب ولا في إيصال ضرر العمل السيئ إلى صاحبه وهو العقاب ظلم ووضع للشئ في غير موضعه.
ولو كان ذلك ظلما كان تعالى في إثابته وتعذيبه من لا يحصى من العباد في ما لا يحصى من الأعمال ظلاما للعبيد لكنه ليس بظلم ولا أنه تعالى ظلام لعبيده وبذلك يظهر وجه التعبير باسم المبالغة في قوله: " وما ربك بظلام للعبيد " ولم يقل: وما ربك بظالم.
قوله تعالى: " إليه يرد علم الساعة - إلى قوله - إلا بعلمه " ارتداد علم الساعة إليه اختصاصه به فلا يعلمها إلا هو، وقد تكرر ذلك في كلامه تعالى.
وقوله: " وما تخرج من ثمرات من أكمامها " " ثمرات " فاعل " تخرج " و " من " زائدة للتأكيد كقوله: " وكفى بالله شهيدا " النساء: 79، وأكمام جمع كم وهو وعاء الثمرة و " ما " مبتدء خبره " إلا بعلمه " والمعنى وليس تخرج ثمرات من أوعيتها ولا تحمل أنثى ولا تضع حملها إلا مصاحبا لعلمه أي هو تعالى يعلم جزئيات حالات كل شئ.
فهو تعالى على كونه خالقا للأشياء محولا لأحوالها عالم بها وبجزئيات حالاتها مراقب لها، وهذا هو أحسن التدبير فهو الرب وحده، ففي الآية إشارة إلى توحده تعالى في الربوبية والألوهية، ولذا ذيل هذا الصدر بقوله: " ويوم يناديهم أين شركائي " الخ.
قوله تعالى: " ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد - إلى قوله - من محيص " الظرف متعلق بقوله: " قالوا " وقيل: ظرف لمضمر مؤخر قد ترك إيذانا بقصور البيان عنه كما في قوله تعالى: " ويوم يجمع الله الرسل "، وقيل: متعلق بمحذوف نحو أذكر، ولعل الوجه الأول أنسب لصدر الآية بالمعنى الذي ذكرناه فتكون الآية مسوقة لنفي الشركاء ببيان قيام التدبير به تعالى واعتراف المشركين بذلك يوم القيامة.
والايذان الاعلام، والمراد بالشهادة الشهادة القولية أو الشهادة بمعنى الرؤية الحضورية وعلى الثاني فقوله: " وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل " عطف تفسير يبين به سبب انتفاء الشهادة.