لملحدي هذه الأمة كما يؤيده الآية التالية، والالحاد الميل.
وإطلاق قوله: " يلحدون " وقوله: " آياتنا " يشمل كل إلحاد في كل آية فيشمل الالحاد في الآيات التكوينية كالشمس والقمر وغيرهما فيعدونها آيات لله سبحانه ثم يعودون فيعبدونها، ويشمل آيات الوحي والنبوة فيعدون القرآن افتراء على الله وتقولا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو يلغون فيه لتختل تلاوته فلا يسمعه سامع أو يفسرونه من عند أنفسهم أو يؤولونه ابتغاء الفتنة فكل ذلك إلحاد في آيات الله بوضعها في غير موضعها والميل بها إلى غير مستقرها.
وقوله: " أفمن يلقي في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة " إيذان بالجزاء وهو الالقاء في النار يوم القيامة قسرا من غير أي مؤمن متوقع كشفيع أو ناصر أو عذر مسموع فليس لهم إلا النار يلقون فيها، والظاهر أن قوله: " أم من يأتي آمنا يوم القيامة " لإبانة أنهما قبيلان لا ثالث لهما فمستقيم في الايمان بالآيات وملحد فيها ويظهر به أن أهل الاستقامة في أمن يوم القيامة.
وقوله: " اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير " تشديد في التهديد.
قوله تعالى: " إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم - إلى قوله - من حكيم حميد " المراد بالذكر القرآن لما فيه من ذكر الله، وتقييد الجملة بقوله: " لما جاءهم " يدل على أن المراد بالذين كفروا هم مشركوا العرب المعاصرين للقرآن من قريش وغيرهم.
وقد اختلفوا في خبر " إن " ويمكن أن يستظهر من السياق أنه محذوف يدل عليه قوله: " إن الذين يلحدون في آياتنا " الخ فإن الكفر بالقرآن من مصاديق الالحاد في آيات الله فالتقدير إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم يلقون في النار يوم القيامة، وإنما حذف ليذهب فيه وهم السامع أي مذهب ممكن والكلام مسوق للوعيد.
وإلى هذا المعنى يرجع قول الزمخشري في الكشاف: إن قوله: " إن الذين كفروا " الخ بدل من قوله: " إن الذين يلحدون في آياتنا ".
وقيل: خبر إن قوله الآتي: " أولئك ينادون من مكان بعيد " وقيل: الخبر قوله: " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " بحذف ضمير عائد إلى اسم إن