وقيل: أيام نحسات أي ذوات الغبار والتراب لا يرى فيها بعضهم بعضا، ويؤيده قوله في سورة الأحقاف: " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم " الأحقاف: 24.
وقوله: " وما لهم من ناصرين " أي لا منج ينجيهم ولا شفيع يشفع لهم.
والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " الخ المراد بهدايتهم إراءتهم الطريق ودلالتهم على الحق ببيان حق الاعتقاد والعمل لهم، والمراد بالاستحباب الايثار والاختيار، ولعله بالتضمين ولذا عدي إلى المفعول الثاني بعلى والمراد بالعمى الضلال استعارة، وفي مقابلة الهدى له إيماء إلى أن الهدى بصر كما أن الضلالة عمى، والهون مصدر بمعنى الذل وتوصيف العذاب به للمبالغة أو بحذف ذي والتقدير صاعقة العذاب ذي الهون.
والمعنى: وأما قوم ثمود فدللناهم على طريق الحق وعرفناهم الهدى بتمييزه من الضلال فاختاروا الضلال الذي هو عمى على الهدى الذي هو بصر فأخذتهم صيحة العذاب ذي المذلة - أو أخذهم العذاب بناء على كون الصاعقة بمعنى العذاب والإضافة بيانية - بما كانوا يكسبون.
قوله تعالى: " ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون " ضم التقوى إلى الايمان معبرا عن التقوى بقوله: " وكانوا يتقون " الدال على الاستمرار للدلالة على جمعهم بين الايمان والعمل الصالح وذلك هو السبب لنجاتهم من عذاب الاستئصال على ما وعده الله بقوله:
" وكان حقا علينا نصر المؤمنين " الروم: 47.
والظاهر أن الآية متعلقة بالقصتين جميعا متممة لهما وإن كان ظاهر المفسرين تعلقها بالقصة الثانية.
قوله تعالى: " ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون " الحشر إخراج الجماعة عن مقرهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها. كذا قال الراغب، و " يوزعون " من الوزع وهو حبس أول القوم ليلحق بهم آخرهم فيجتمعوا.
قيل: المراد بحشرهم إلى النار إخراجهم إلى المحشر للسؤال والحساب، وجعل