ما شاء أن يثور فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع ولا ثقب ولا صعود ولا هبوط ولا شجرة ثم طواها فوضعها فوق الماء.
ثم خلق الله النار من الماء فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيها صدع ولا ثقب وذلك قوله: " والسماء بناها ".
أقول: وفي هذه المعنى بعض روايات أخر، ويمكن تطبيق ما في الرواية وكذا مضامين الآيات على ما تسلمته الأبحاث العلمية اليوم في خلق العالم وهيئته غير أنا تركنا ذلك احترازا من تحديد الحقائق القرآنية بالاحداس والفرضيات العلمية ما دامت فرضية غير مقطوع بها من طريق البرهان العلمي.
وفي نهج البلاغة: فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد قائمات بلا سند، دعاهن فأجبن طائعات مذعنات غير متلكئات ولا مبطئات، ولولا إقرارهن له بالربوبية، وإذعانهن له بالطواعية لما جعلهن موضعا لعرشه، ولا مسكنا لملائكته ولا مصعدا للكلم الطيب والعمل الصالح من خلقه.
وفي كمال الدين بإسناده إلى فضيل الرسان قال: كتب محمد بن إبراهيم إلى أبي عبد الله عليه السلام: أخبرنا ما فضلكم أهل البيت؟ فكتب إليه أبو عبد الله عليه السلام: إن الكواكب جعلت أمانا لأهل السماء فإذا ذهبت نجوم السماء جاء أهل السماء ما كانوا يوعدون، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جعل أهل بيتي أمانا لامتي فإذا ذهب أهل بيتي جاء أمتي ما كانوا يوعدون.
أقول: وورد هذا المعنى في غير واحد من الروايات.
وفي البحار عن كتاب الغارات بإسناده عن ابن نباتة قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام كم بين السماء والأرض؟ قال: مد البصر ودعوة المظلوم.
أقول: وهو من لطائف كلامه عليه السلام يشير به إلى ظاهر السماء وباطنها كما تقدم.
* * * فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود - 13.