تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٣٦٦
ومجموع قوله لهما: " ائتيا " الخ وقولهما له: " أتينا " الخ تمثيل لصفة الايجاد والتكوين على الفهم الساذج العرفي وحقيقة تحليلية بناء على ما يستفاد من كلامه تعالى من سراية العلم في الموجودات وكون تكليم كل شئ بحسب ما يناسب حاله، وقد أوردنا بعض الكلام فيه فيما تقدم من المباحث، و سيجئ شطر من الكلام فيه في تفسير قوله:
" قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ " الآية 21 من السورة إن شاء الله.
وقول بعضهم: إن المراد بقوله: " ائتيا " الخ أمرهما بإظهار ما فيهما من الآثار والمنافع دون الامر بأن توجدا وتكونا مدفوع بأن تكون السماء مذكور فيما بعد ولا معنى لتقديم الامر بإظهار الآثار و المنافع قبل ذكر التكون.
وفي قوله: " ائتيا طوعا أو كرها " إيجاب الاتيان عليهما وتخييرهما بين أن تفعلا ذلك بطوع أو كره، ولعل المراد بالطوع والكره - وهما بوجه قبول الفعل ونوع ملاءمة وعدمه - هو الاستعداد السابق للكون وعدمه فيكون قوله: " ائتيا طوعا أو كرها " كناية عن وجوب إتيانهما بلا مناص وأنه أمر لا يتخلف البتة أرادتا أو كرهتا سألتاه أو لم تسألا فأجابتا أنهما يمتثلان الامر عن استعداد سابق وقبول ذاتي وسؤال فطري إذ قالتا: أتينا طائعين.
وقول بعضهم: " إن قوله: " طوعا أو كرها " تمثيل لتحتم تأثير قدرته تعالى فيهما واستحالة امتناعهما من ذلك لا إثبات الطوع والكره لهما. مدفوع بقوله بعد:
" قالتا أتينا طائعين " إذ لو كان الترديد المذكور تمثيلا فقط من غير إثبات كما ذكره لم يكن لاثبات الطوع في الجواب وجه.
وقوله: " قالتا أتينا طائعين " جواب السماء والأرض لخطابه تعالى باختيار الطوع، والتعبير باللفظ الخاص بأولي العقل - طائعين - لمكان المخاطبة والجواب وهما من خواص أولي العقل، والتعبير بلفظ الجمع دون أن تقولا: أتينا طائعتين لعله تواضع منهما بعد أنفسهما غير متميزة من سائر مخلوقاته تعالى المطيعة لامره فأجابتا عن لسان الجميع، نظير ما قيل في قوله تعالى: " إياك نعبد وإياك نستعين " الحمد: 5.
ثم إن تشريك الأرض مع السماء في خطاب " ائتيا " الخ مع ذكر خلقها وتدبير أمرها قبلا لا يخلو من إشعار بأن بينهما نوع ارتباط في الوجود واتصال في النظام الجاري
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382