وكذا القوم المكذبون لأحدهم مكذبون لآخرين قال تعالى: " كذبت عاد المرسلين " الشعراء: 123 وقال: " كذبت ثمود المرسلين " الشعراء: 141، وقال: " كذبت قوم لوط المرسلين " الشعراء: 160 إلى غير ذلك.
وقول بعضهم: إن إطلاق الرسل وهو جمع على هود وصالح عليهما السلام وهما اثنان من إطلاق الجمع على ما دون الثلاثة وهو شائع، ومن هذا القبيل إرجاع ضمير الجمع في قوله: " إذ جاءتهم " إلى عاد وثمود.
ممنوع بما تقدم، وأما إرجاع ضمير الجمع إلى عاد وثمود فإنما هو لكون مجموع الجمعين جمعا مثلهما.
وقوله: " من بين أيديهم ومن خلفهم " أي من جميع الجهات فاستعمال هاتين الجهتين في جميع الجهات شائع، وجوز أن يكون المراد به الماضي والمستقبل فقوله: " جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم " كناية عن دعوتهم لهم من جميع الطرق الممكنة خلوة وجلوة وفرادى ومجتمعين بالتبشير والانذار ولذلك فسر مجيئهم كذلك بعد بقوله:
" أن لا تعبدوا إلا الله " وهو التوحيد.
وقوله: " قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة " رد منهم لرسالتهم بأن الله لو شاء إرسال رسول إلينا لأرسل من الملائكة، وقد تقدم كرارا معنى قولهم هذا وأنه مبني على إنكارهم نبوة البشر.
وقوله: " فإنا بما أرسلتم به كافرون " تفريع على النفي المفهوم من الجملة السابقة أي فإذا لم يشأ ولم يرسل فإنا بما أرسلتم به وهو التوحيد كافرون.
قوله تعالى: " فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق " الخ رجوع إلى تفصيل حال كل من الفريقين على حدته، من كفرهم ووبال ذلك، وقوله: " بغير الحق " قيد توضيحي للاستكبار في الأرض فإنه بغير الحق دائما، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات " الخ فسر الصرصر بالريح الشديدة السموم، وبالريح الشديدة البرد، وبالريح الشديدة الصوت وتلازم شدة الهبوب، والنحسات بكسر الحاء صفة مشبهة من نحس ينحس نحسا خلاف سعد فالأيام النحسات الأيام المشؤمات.