وقوله: " ويستغفرون للذين آمنوا " أي يسألون الله سبحانه أن يغفر للذين آمنوا.
وقوله: " ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما " الخ حكاية متن استغفارهم وقد بدؤا فيه بالثناء عليه تعالى بسعة الرحمة والعلم، وإنما ذكروا الرحمة وشفعوها بالعلم لأنه برحمته ينعم على كل محتاج فالرحمة مبدء إفاضة كل نعمة، وبعلمه يعلم حاجة كل محتاج مستعد للرحمة.
وقوله: " فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم " تفريع على ما أثنوا به من سعة الرحمة والعلم، والمراد بالسبيل التي اتبعوها هو ما شرع لهم من الدين وهو الاسلام واتباعهم له هو تطبيق عملهم عليه فالمراد بتوبتهم رجوعهم إليه تعالى بالايمان والمعنى فاغفر للذين رجعوا إليك بالايمان بوحدانيتك وسلوك سبيلك الذي هو الاسلام وقهم عذاب الجحيم وهو غاية المغفرة وغرضها.
قوله تعالى: " ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم " إلى آخر الآية تكرار النداء بلفظة ربنا لمزيد الاستعطاف والمراد بالوعد وعده تعالى لهم بلسان رسله وفي كتبه.
وقوله: " ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم " عطف على موضع الضمير في قوله: " وأدخلهم " والمراد بالصلوح صلاحية دخول الجنة، والمعنى وأدخل من صلح لدخول الجنة من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم جنات عدن.
ثم من المعلوم من سياق الآيات أن استغفارهم لعامة المؤمنين، ومن المعلوم أيضا أنهم قسموهم قسمين اثنين قسموهم إلى الذين تابوا واتبعوا سبيل الله وقد وعدهم الله جنات عدن، وإلى من صلح وقد جعلوا الطائفة الأولى متبوعين والثانية تابعين.
ويظهر منه أن الطائفة الأولى هم الكاملون في الايمان والعمل على ما هو مقتضى حقيقة معنى قولهم: " الذين تابوا واتبعوا سبيلك " فذكروهم وسألوه أن يغفر لهم وينجز لهم ما وعدهم من جنات عدن، والطائفة الثانية دون هؤلاء في المنزلة ممن لم يستكمل الايمان والعمل من ناقص الايمان ومستضعف وسيئ العمل من منسوبي الطائفة الأولى فذكروهم وسألوه تعالى أن يلحقهم بالطائفة الأولى الكاملين في جناتهم ويقيهم السيئات.
فالآية في معنى قوله تعالى: " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ " الطور: 21 غير أن الآية التي نحن فيها أوسع