وقوله: " ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع " الحميم القريب أي ليس لهم قريب يقوم بنصرهم بحمية القرابة قال تعالى: " فلا أنساب بينهم يومئذ " المؤمنون: 101، ولا شفيع يطاع في شفاعته.
قوله تعالى: " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور " قيل: الخائنة مصدر كالخيانة نظيرة الكاذبة واللاغية بمعنى الكذب واللغو، وليس المراد بخائنة الأعين كل معصية من معاصيها بل المعاصي التي لا تظهر للغير كسارقة النظر بدليل ذكرها مع ما تخفي الصدور.
وقيل: " خائنة الأعين " من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف، ولازمه كون العلم بمعنى المعرفة والمعنى يعرف الأعين الخائنة، والوجه هو الأول.
وقوله: " وما تخفي الصدور " وهو ما تسره النفس وتستره من وجوه الكفر والنفاق وهيئات المعاصي.
قوله تعالى: " والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشئ " الخ هذه حجة أخرى على توحده تعالى بالألوهية أقامها بعد ما ذكر حديث انحصار الملك فيه يوم القيامة وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور تمهيدا وتوطئة.
ومحصلها أن من اللازم الضروري في الألوهية أن يقضي الاله في عباده وبينهم والله سبحانه هو يقضي بين الخلق وفيهم يوم القيامة والذين يدعون من دونه لا يقضون بشئ لأنهم عباد مملوكون لا يملكون شيئا.
ومن قضائه تعالى تدبيره جزئيات أمور عباده بالخلق بعد الخلق فإنه مصداق القضاء والحكم قال تعالى: " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " يس (؟):
82، وقال: " إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " آل عمران: 47، ولا نصيب لغيره تعالى في الخلق فلا نصيب له في القضاء.
ومن قضائه تعالى تشريع الدين وارتضاؤه سبيلا لنفسه قال تعالى: " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه " الآية أسرى: 23.
وقوله: " إن الله هو السميع البصير " أي له حقيقة العلم بالمسموعات والمبصرات لذاته، وليس لغيره من ذلك إلا ما ملكه الله وأذن فيه لا لذاته.