المسبب وهو طلبها من عنده أي اكتسابها منه بالعبودية التي لا تحصل إلا بالايمان والعمل الصالح.
قوله تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " الكلم - كما قيل - اسم جنس جمعي يذكر ويؤنث، وقال في المجمع: والكلم جمع كلمة يقال؟ هذا كلم وهذه كلم فيذكر ويؤنث، وكل جمع ليس بينه وبين واحدة إلا الهاء يجوز فيه التذكير والتأنيث انتهى.
والمراد بالكلم على أي حال ما يفيد معنى تاما كلاميا ويشهد به توصيفه بالطيب فطيب الكلم هو ملاءمته لنفس سامعه ومتكلمه بحيث تنبسط منه وتستلذه وتستكمل به وذلك إنما يكون بإفادته معنى حقا فيه سعادة النفس وفلاحها.
وبذلك يظهر أن المراد به ليس مجرد اللفظ بل بما أن له معنى طيبا فالمراد به الاعتقادات الحقة التي يسعد الانسان بالاذعان لها وبناء عمله عليها والمتيقن منها كلمة التوحيد التي يرجع إليها سائر الاعتقادات الحقة وهي المشمولة لقوله تعالى: " ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها " إبراهيم: 25 وتسمية الاعتقاد قولا وكلمة أمر شائع بينهم.
وصعود الكلم الطيب إليه تعالى هو تقربه منه تعالى اعتلاء وهو العلي الاعلى رفيع الدرجات، وإذ كان اعتقادا قائما بمعتقده فتقربه منه تعالى تقرب المعتقد به منه، وقد فسروا صعود الكلم الطيب بقبوله تعالى له وهو من لوازم المعنى.
ثم أن الاعتقاد والايمان إذا كان حق الاعتقاد صادقا إلى نفسه صدقه العمل ولم يكذبه أي يصدر عنه العمل على طبقه فالعمل من فروع العلم وآثاره التي لا تنفك عنه، وكلما تكرر العمل زاد الاعتقاد رسوخا وجلاء وقوي في تأثيره فالعمل الصالح وهو العمل الحري بالقبول الذي طبع عليه بذل العبودية والاخلاص لوجهه الكريم يعين الاعتقاد الحق في ترتب أثره عليه وهو الصعود إليه تعالى وهو المعزي إليه بالرفع فالعمل الصالح يرفع الكلم الطيب.
فقد تبين بما مر معنى قوله: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " وأن ضمير " إليه " لله سبحانه والمراد بالكلم الطيب الاعتقاد الحق كالتوحيد، وبصعوده