تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٢٢
الغيبة ويتبعه فيه الارسال فإن فعل الغائب غائب، ثم لما قال: " فتثير سحابا " على نحو حكاية الحال الماضية صار المخاطب كأنه يرى الفعل ويشاهد الرياح وهي تثير السحاب وتنشره في الجو فصار كأنه يرى من يرسل الرياح لان مشاهدة الفعل كادت أن لا تنفك عن مشاهدة الفاعل فلما ظهر تعالى بنعت الحضور غير سياق كلامه من الغيبة إلى التكلم واختار لفظ التكلم مع الغير للدلالة على العظمة.
وقوله: " فأحيينا به الأرض " ولم يقل: فأحييناه مع كفايته وكذا قوله:
" بعد موتها " مع جواز الاكتفاء بما تقدمه للاخذ بصريح القول الذي لا ارتياب دونه.
قوله تعالى: " من كان يريد العزة فلله العزة جميعا " قال الراغب في المفردات:
العزة حالة مانعة للانسان من أن يغلب من قولهم: أرض عزاز أي صلبة قال تعالى:
" أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا " انتهى.
فالصلابة هو الأصل في معنى العزة ثم توسع فاستعمل العزيز فيمن يقهر ولا يقهر كقوله تعالى: " يا أيها العزيز مسنا " يوسف: 88. وكذا العزة بمعنى الغلبة قال تعالى:
" وعزني في الخطاب " ص: 23 والعزة بمعنى القلة وصعوبة المنال، قال تعالى: " وإنه لكتاب عزيز " حم السجدة: 41 والعزة بمعنى مطلق الصعوبة قال تعالى: " عزيز عليه ما عنتم " التوبة: 138 و العزة بمعنى الانفة والحمية قال تعالى: " بل الذين كفروا في عزة وشقاق " ص: 2 إلى غير ذلك.
ثم إن العزة بمعنى كون الشئ قاهرا غير مقهور أو غالبا غير مغلوب تختص بحقيقة معناها بالله عز وجل إذ غيره تعالى فقير في ذاته ذليل في نفسه لا يملك لنفسه شيئا إلا أن يرحمه الله ويؤتيه شيئا من العزة كما فعل ذلك بالمؤمنين به قال تعالى: " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " المنافقون: 8.
وبذلك يظهر أن قوله: " من كان يريد العزة فلله العزة جميعا " ليس بمسوق لبيان اختصاص العزة بالله بحيث لا ينالها غيره وأن من أرادها فقد طلب محالا وأراد ما لا يكون بل المعنى من كان يريد العزة فليطلبها منه تعالى لان العزة له جميعا لا توجد عند غيره بالذات.
فوضع قوله: " فلله العزة جميعا " في جزاء الشرط من قبيل وضع السبب موضع
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382