دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير - 14.
(بيان) احتجاجات على وحدانيته تعالى في ألوهيته بعد جملة من النعم السماوية والأرضية التي يتنعم بها الانسان ولا خالق لها ولا مدبر لأمرها إلا الله سبحانه، وفيها بعض الإشارة إلى البعث.
قوله تعالى: " والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت " الخ.
العناية في المقام بتحقق وقوع الأمطار وإنبات النبات بها، ولذلك قال: " الله الذي أرسل الرياح " وهذا بخلاف ما في سورة الروم من قوله: " الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا " الروم: 48.
وقوله: " فتثير سحابا " عطف على " أرسل " والضمير للرياح والآتيان بصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية والإثارة إفعال من ثار الغبار يثور ثورانا إذا انتشر ساطعا.
وقوله: " فسقناه إلى بلد ميت " أي إلى أرض لانبات فيها " فأحيينا به الأرض بعد موتها " وأنبتنا فيها نباتا بعد ما لم تكن، ونسبة الاحياء إلى الأرض وإن كانت مجازية لكن نسبته إلى النبات حقيقية وأعمال النبات من التغذية والنمو وتوليد المثل وما يتعلق بذلك أعمال حيوية تنبعث من أصل الحياة.
ولذلك شبه البعث وإحياء الأموات بعد موتهم بإحياء الأرض بعد موتها أي إنبات النبات بعد توقفه عن العمل وركوده في الشتاء فقال: " كذلك النشور " أي البعث فالنشور بسط الأموات يوم القيامة بعد إحيائهم وإخراجهم من القبور.
وفي قوله: " فسقناه إلى بلد ميت " الخ. التفات من الغيبة إلى التكلم مع الغير فهو تعالى في قوله: " والله أرسل " بنعت الغيبة وفي قوله: " فسقناه " الخ. بنعت التكلم مع الغير ولعل النكتة في ذلك هي أنه لما قال: " والله أرسل الرياح " أخذ لنفسه نعت