له عذاب شديد ومؤمن عامل بالصالحات له مغفرة وأجر كبير والمراد أنهما لا يستويان فلا تستوي عاقبة أمرهما.
فقوله: " أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا " مبتدء خبره محذوف أي كمن ليس كذلك، والفاء لتفريع الجملة على معنى الآية السابقة، والاستفهام للانكار، والمراد بمن زين له سوء عمله فرآه حسنا الكافر ويشير به إلى أنه منكوس فهمه مغلوب على عقله يرى عمله على غير ما هو عليه، والمعنى أنه لا يستوي من زين له عمله السيئ فرآه حسنا والذي ليس كذلك بل يرى السيئ سيئا.
وقوله: " فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء " تعليل للانكار السابق في قوله: " أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا " أي الكافر الذي شأنه ذلك والمؤمن الذي بخلافه لا يستويان لان الله يضل أحدهما بمشيته وهو الكافر الذي يرى السيئة حسنة ويهدي الاخر بمشيته وهو المؤمن الذي يعمل الصالحات ويرى السيئة سيئة.
وهذا الاضلال إضلال على سبيل المجازاة وليس إضلالا ابتدائيا فلا ضير في انتسابه إلى الله سبحانه.
وبالجملة اختلاف الكافر والمؤمن في عاقبتهما بحسب الوعد الإلهي بالعذاب والرحمة لاختلافهما بالاضلال والهداية الإلهيين واختلافهما بالاضلال والهداية باختلافهما في رؤية السيئة حسنة وعدمها.
وقوله: " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " الحسرات جمع حسرة وهي الغم لما فات والندم عليه، وهي منصوبة لأنه مفعول لأجله والمراد بذهاب النفس عليهم هلاكها فيهم لأجل الحسرات الناشئة من عدم إيمانهم.
والجملة متفرعة على الفرق السابق أي إذا كانت الطائفتان مختلفتين بالاضلال والهداية من جانب الله فلا تهلك نفسك حسرات عليهم إذ كذبوك وكفروا بك فإن الله هو الذي يضلهم جزاء لكفرهم ورؤيتهم السيئة حسنة وهو عليم بما يصنعون فلا يختلط عليه الامر ولا يفعل بهم إلا الحق ولا يجازيهم إلا بالحق.
ومن هنا يظهر أن قوله: " إن الله عليم بما يصنعون " في موضع التعليل لقوله: