للمؤمن والكافر بل هي واقعة في سياق تعداد النعم لاثبات الربوبية كقوله قبلا: " والله الذي أرسل الرياح " وقوله بعدا: " يولج الليل في النهار " الخ. فالآية مسوقة لبيان نعمة البحر واختلافه بالعذوبة والملوحة وما فيهما من المنافع المشتركة والمختصة.
ويؤيد هذا الوجه أن نظير الآية في سورة النحل واقعة في سياق الآيات العادة لنعم الله سبحانه وهو قوله: " وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون " النحل: 14.
والحق أن أصل الاستشكال في غير محله وأن البحرين يشتركان في وجود الحلية فيهما كما هو مذكور في الكتب الباحثة عن هذه الشؤون مشروح فيها (1).
قوله تعالى: " وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون " ضمير " فيه " للبحر، ومواخر جمع ماخرة من المخر بمعنى الشق عدت السفينة ماخرة لشقها الماء بجؤجئتها.
قيل: إنما أفرد ضمير الخطاب في قوله: " ترى " بخلاف الخطابات المتقدمة والمتأخرة لان الخطاب لكل أحد يتأتى منه الرؤية دون المنتفعين بالبحرين فقط.
وقوله: " لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون " أي مخر الفلك البحر بتسخيره لتطلبوا من عطائه وهو الرزق ورجاء أن تشكروا الله سبحانه، وقد تقدم أن الترجي الذي تفيده " لعل " في كلامه تعالى قائم بالمقام دون المتكلم.
وقد قيل في هذه الآية: " وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله " وفي سورة النحل: " وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله " فاختلفت الآيتان في تقديم " فيه " على " مواخر " وتأخيره منه وعطف " لتبتغوا " وعدمه.
ولعل النكتة في ذلك أن آية النحل مصدرة بكلمة التسخير فهي مسوقة لبيان كيفية التسخير والأنسب لذلك تأخير " فيه " ليتعلق بمواخر ويشير إلى مخر البحر