" غير الله " صفة لخالق تابع لمحله، وكذا قوله: " يرزقكم " الخ. و " من خالق " مبتدء محذوف الخبر وهو موجود، وقوله: " لا إله إلا هو " اعتراض، وقوله: " فأنى تؤفكون " تفريع على ما تقدمه.
قوله تعالى: " وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور " تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أي وإن يكذبوك بعد استماع هذه البراهين الساطعة فلا تحزن فليس ذلك ببدع فقد كذبت رسل من قبلك كذبتهم أممهم وأقوامهم وإلى الله ترجع عامة الأمور فيجازيهم بما يستحقونه بتكذيبهم الحق بعد ظهوره فليسوا بمعجزين بتكذيبهم.
ومن هنا يظهر أن قوله؟ " فقد كذبت رسل من قبلك " من قبيل وضع السبب موضع المسبب وأن قوله: " وإلى الله ترجع الأمور " معطوف على قوله: " قد كذبت " الخ.
قوله تعالى: " يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور خطاب عام للناس يذكرهم بالمعاد كما كان الخطاب العام السابق يذكرهم بتوحده تعالى في الربوبية والألوهية.
فقوله: " إن وعد الله حق " أي وعده أنه يبعثكم فيجازي كل عامل بعمله إن خيرا وإن شرا حق أي ثابت واقع، وقد صرح بهذا الوعد في قوله الآتي: " الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير ".
وقوله: " فلا تغرنكم الحياة الدنيا " النهي وإن كان متوجها إلى الحياة الدنيا صورة لكنه في الحقيقة متوجه إليهم، والمعنى إذا كان وعد الله حقا فلا تغتروا بالحياة الدنيا بالاشتغال بزينتها والتلهي بما ينسيكم يوم الحساب من ملاذها وملاهيها والاستغراق في طلبها والاعراض عن الحق.
وقوله: " ولا يغرنكم بالله الغرور " الغرور بفتح الغين صيغة مبالغة من الغرور بالضم وهو الذي يبالغ في الغرور ومن عادته ذلك، والظاهر - كما قيل - أن المراد به الشيطان ويؤيده التعليل الواقع في الآية التالية " إن الشيطان لكم عدو " الخ.
ومعنى غروره بالله توجيهه أنظارهم إلى مظاهر حلمه وعفوه تعالى تارة ومظاهر