لتدبير الامر، قال تعالى: (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) الرعد: 33.
والمراد بقيام السماء والأرض بأمر من الله ثبوتهما على حالهما من حركة وسكون وتغير وثبات بأمره تعالى وقد عرف أمره بقوله: (انما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) يس: 82.
وقوله: (ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون) (إذا) الأولى شرطية و (إذا) الثانية فجائية قائمة مقام فاء الجزاء و (من الأرض) متعلق بقوله:
(دعوة) والجملة معطوفة على محل الجملة الأولى لان المراد بالجملة أعني قوله: (ثم إذا دعاكم) الخ البعث والرجوع إلى الله وليس في عداد الآيات بل الجملة اخبار بأمر احتج عليه سابقا وسيحتج عليه لاحقا.
وأما قول القائل: ان الجملة على تأويل المفرد وهي معطوفة على (أن تقوم) والتقدير ومن آياته قيام السماء والأرض بأمره ثم خروجكم إذا دعاكم دعوة من الأرض.
فلازمه كون البعث معدودا من الآيات وليس منها على أن البعث أحد الأصول الثلاثة التي يحتج بالآيات عليه، ولا يحتج به على التوحيد مثلا بل لو احتج فبالتوحيد عليه فافهم ذلك.
ولما كانت الآيات المذكورة من خلق البشر من تراب وخلقهم أزواجا واختلاف ألسنتهم وألوانهم ومنامهم وابتغائهم من فضله وإراءة البرق وتنزيل الماء من السماء كلها آيات راجعة إلى تدبير أمر الانسان كان المراد بقوله: (أن تقوم السماء والأرض) بمعونة السياق ثبات السماء والأرض على وضعهما الطبيعي وحالهما العادية ملائمتين لحياة النوع الانساني المرتبطة بهما وكان قوله: (ثم إذا دعاكم) الخ مترتبا على ذلك ترتب التأخير أي أن خروجهم من الأرض متأخر عن هذا القيام مقارن لخرابهما كما ينبئ به آيات كثيرة في مواضع مختلفة من كلامه تعالى.
ويظهر بذلك أيضا أن المراد من قوله السابق (ومن آياته خلق السماوات والأرض) خلقهما من جهة ما يرتبطان بالحياة البشرية وينفعانها.
وقد رتبت الآيات المذكورة آخذة من بدء خلق الانسان وتكونه ثم تصنفه صنفين: الذكر والأنثى ثم ارتباط وجوده بالسماء والأرض واختلاف ألسنتهم وألوانهم