تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٦٢
فإذا كان الامر على هذه السبيل فالله منزه حينما دخلتم أنتم معاشر البشر في مساء وحينما دخلتم في صباح وفى العشى وحينما دخلتم في ظهيرة وله الثناء الجميل في السماوات والأرض.
ونظير هذا التعميم ما في قوله سابقا: (إليه ترجعون) ولاحقا في قوله:
(وكذلك تخرجون).
قوله تعالى: (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيى الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون) ظاهر اخراج الحي من الميت وبالعكس خلق ذوي الحياة من الأرض الميتة ثم تبديل ذوي الحياة أرضا ميتة، وقد فسر بخلق المؤمن من الكافر وخلق الكافر من المؤمن فإنه يعد المؤمن حيا والكافر ميتا، قال تعالى: (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا) الانعام: 122.
وأما احياء الأرض بعد موتها فهو انتعاش الأرض وابتهاجها بالنبات في الربيع والصيف بعد خمودها في الخريف والشتاء، وقوله: (وكذلك تخرجون) أي تبعثون وتخرجون من قبوركم باحياء جديد كاحياء الأرض بعد موتها، وقد تقدم تفسير نظير صدر الآية وذيلها مرارا.
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء عن ابن عباس في قوله: (ألم غلبت الروم) قال: غلبت وغلبت.
قال: كان المشركون يحبون أن يظهر فارس على الروم، لأنهم أصحاب أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أصحاب كتاب، فذكروه لأبي بكر فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما انهم سيغلبون فذكره أبو بكر لهم فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلا فان ظهرنا كان لنا كذا وكذا وان ظهرتم كان لكم كذا وكذا فجعل لهم خمس سنين فلم يظهروا فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ألا جعلته - أراد - قال: دون العشر، فظهرت الروم بعد ذلك فذلك قوله: ألم غلبت الروم فغلبت ثم غلبت بعد.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست