وقوله: (لايات لقوم يتفكرون) لأنهم إذا تفكروا في الأصول التكوينية التي يبعث الانسان إلى عقد المجتمع من الذكورة والأنوثة الداعيتين إلى الاجتماع المنزلي والمودة والرحمة الباعثتين على الاجتماع المدني ثم ما يترتب على هذا الاجتماع من بقاء النوع واستكمال الانسان في حياتيه الدنيا والأخرى عثروا من عجائب الآيات الإلهية في تدبير أمر هذا النوع على ما يبهر به عقولهم وتدهش به أحلامهم.
قوله تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم) إلى آخر الآية. الظاهر أن يكون المراد باختلاف الألسن اختلاف اللغات من العربية والفارسية والأردوية وغيرها وباختلاف الألوان اختلاف الأمم في ألوانهم كالبياض والسواد والصفرة والحمرة.
ويمكن أن يستفاد اختلاف الألسنة من جهة النغم والأصوات ونحو التكلم والنطق وباختلاف الألوان اختلاف كل فردين من أفراد الانسان بحسب اللون لو دقق فيه النظر على ما يقول به علماء هذا الشأن.
فالباحثون عن العالم الكبير يعثرون في نظام الخلقة على آيات دقيقة دالة على أن الصنع والايجاد مع النظام الجاري فيه لا يقوم الا بالله ولا ينتهى الا إليه.
قوله تعالى: (ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله) إلى آخر الآية، الفضل الزيادة على مقدار الحاجة ويطلق على العطية لان المعطى انما يعطى ما فضل من مقدار حاجته، والمراد به في الآية الكريمة الرزق فابتغاء الفضل طلب الرزق.
وفى خلق الانسان ذا قوى فعالة تبعثه إلى طلب الرزق ورفع حوائج الحياة للبقاء بالحركة والسعي ثم هدايته إلى الاستراحة والسكون لرفع متاعب السعي وتجديد تجهيز القوى وتخصيص الليل والنهار المتعاقبين للسعى والسكون والتسبيب إلى وجود الليل والنهار بأوضاع سماوية قائمة بالأرض والشمس لايات نافعة لمن له سمع واع يعقل ما يسمع فإذا وجده حقا اتبعه.
قال في الكشاف في الآية: هذا من باب اللف وترتيبه: ومن آياته منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار الا أنه فصل بين القرينين الأولين بالقرينين الآخرين لأنهما زمانان والزمان والواقع فيه كشئ واحد مع إعانة اللف على الاتحاد ويجوز أن