تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٦٥
أنتم تخرجون - 25. وله من في السماوات والأرض كل له قانتون - 26.
(بيان) يذكر في هذا الفصل عدة من الآيات الدالة على وحدانيته تعالى في الربوبية والألوهية، ويشار فيها إلى امتزاج الخلق والتدبير وتداخلهما ليتضح بذلك أن الربوبية بمعنى ملك التدبير والألوهية بمعنى المعبودية بالحق لا يستحقهما الا الله الذي خلق الأشياء وأوجدها، لا كما يزعم الوثني أن الخلق لله وحده والتدبير والعبادة لأرباب الأصنام ليكونوا شفعاء لهم عند الله، وليس له سبحانه الا أنه رب الأرباب واله الآلهة.
قوله تعالى: (ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون) المراد بالخلق من تراب انتهاء خلقة الانسان إلى الأرض فان مراتب تكون الانسان من مضغة أو علقة أو نطفة أو غيرها مركبات أرضية تنتهي إلى العناصر الأرضية.
وقوله: (ثم إذا أنتم بشر تنتشرون) إذا فجائية أي يفاجئكم أنكم أناسي تنتشرون في الأرض أي يخلقكم من تركيبات أرضية المترقب منها كينونة أرضية ميتة أخرى مثلها لكن يفاجئكم دفعة أنه يصير بشرا ذوي حياة وشعور عقلي ينتشرون في الأرض في سبيل تدمير أمر الحياة فقوله: (ثم إذا أنتم بشر تنتشرون) في معنى قوله: (ثم أنشأناه خلقا آخر) المؤمنون: 14.
فخلق الانسان أي جمع أجزائه من الأرض وتأليفها آية وكينونة هذا المجموع انسانا ذا حياة وشعور عقلي آية أو آيات أخر تدل على صانع حي عليم يدبر الامر ويجرى هذا النظام العجيب.
وقد ظهر بهذا المعنى أن (ثم) للتراخي الرتبي والجملة معطوفة على قوله:
(خلقكم) لا على قوله: (أن خلقكم).
قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها)
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست