وثانيا: أن المراد بالتسبيح والتحميد معناهما المطلق دون الصلوات اليومية المفروضة كما يقول به أكثر القائلين بكون القول مقدرا. والمعنى: قولوا سبحان الله وقولوا الحمد لله.
وثالثا: أن قوله: (وله الحمد في السماوات والأرض) معترضة واقعة بين المعطوف والمعطوف عليه، وقوله: (وعشيا وحين تظهرون) معطوفان على محل (حين تمسون) لا على قوله: (في السماوات والأرض) حتى يختص المساء والصباح بالتسبيح والسماوات والأرض والعشي والظهيرة بالتحميد بل الأوقات وما فيها للتسبيح والأمكنة وما فيها للتحميد.
فالسياق يشير إلى أن ما في السماوات والأرض من خلق وأمر هو لله يستدعى بحسنه حمدا وثناء لله سبحانه وأن للانسان على مر الدهور وتغير الأزمنة والأوقات من الشرك والمعصية ما يتنزه عنه ساحة قدسه تعالى وتقدس.
نعم ههنا اعتبار آخر يتداخل فيه التحميد والتسبيح وهو أن الأزمنة والأوقات على تغيرها وتصرمها من جملة ما في السماوات والأرض فهي بوجودها يثنى على الله تعالى، ثم كل ما في السماوات والأرض بفقرها إليه تعالى وذلتها دونه ونقصها بالنسبة إلى كماله تعالى تسبحه كما قال: (وان من شئ الا يسبح بحمده) أسرى: 44، لكن هذا الاعتبار غير منظور إليه في الآيتين اللتين نحن فيهما.
وللمفسرين في الآيتين أقوال أخر متفرقة أشرنا إلى المهم منها في الوجوه التي قدمناها.
وتغيير السياق في قوله: (وعشيا) لكون العشى لم يبن منه فعل من باب الافعال بخلاف المساء والصباح والظهيرة حيث بنى منها الامساء والاصباح والاظهار بمعنى الدخول في المساء والصباح والظهيرة كذا قيل.
والخطاب الذي في الآيتين في قوله: (تمسون وتصبحون وتظهرون) ليس من الالتفات في شئ بل تعميم للخطاب الذي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ شرعت السورة، والمعنى: