انسجام الآية وينقطع به آخرها عن أولها.
ومنها: أن قوله: (بنصر) متعلق بقوله: (المؤمنون دون (يفرح) ويدل بالملازمة المقامية أن غلبة الروم بنصر من الله.
وفيه أن لازمه أن يفرح المؤمنون يوم غلبة الفرس ويوم غلبة الروم جميعا فان في الغلبة نصرا وكل نصر من الله قال تعالى: (وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم) آل عمران: 126 فقصر فرح المؤمنين بالنصر بيوم غلبة الروم ترجيح بلا مرجح فافهمه.
ومنها: أن المراد بنصر الله نصر المؤمنين على المشركين يوم بدر دون نصر الروم على الفرس وان توافق النصران زمانا فكأنه قيل: ان الروم سيغلبون في بضع سنين ويوم يغلبون يغلب المؤمنون المشركين فيفرحون بنصر الله إياهم.
وفيه أن هذا المعنى لا يلائم قوله بعد: (ينصر من يشاء).
ومنها: أن المراد بالنصر نصر المؤمنين بصدق اخبارهم بغلبة الروم، وقيل: النصر هو استيلاء بعض الكفار على بعض وتفرق كلمتهم وانكسار شوكتهم. وهذان وما يشبههما وجوه لا يعبؤ بها.
قوله تعالى: (وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (وعد الله) مفعول مطلق محذوف العامل والتقدير وعد الله وعدا واخلاف الوعد خلاف انجازه وقوله: (وعد الله) تأكيد وتقرير للوعد السابق في قوله: (سيغلبون) و (يفرح المؤمنون) كما أن قوله: (لا يخلف الله وعده) تأكيد وتقرير لقوله: (وعد الله).
وقوله: (لا يخلف الله وعده) كقوله: (ان الله لا يخلف الميعاد) الرعد: 31 وخلف الوعد وان لم يكن قبيحا بالذات لأنه ربما يحسن عند الاضطرار لكنه سبحانه لا يضطره ضرورة فلا يحسن منه خلف الوعد في حال.
على أن خلف الوعد يلازم النقص دائما ويستحيل النقص عليه تعالى.
على أنه تعالى أخبر في كلامه بأنه لا يخلف الميعاد وهو أصدق الصادقين وهو القائل عز من قائل: (والحق أقول) صلى الله عليه وآله وسلم: 84.
وقوله: (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) أي هم جهلاء بشؤونه تعالى لا يثقون بوعده ويقيسونه إلى أمثالهم ممن يصدق ويكذب وينجز ويخلف.