تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٥٥
قوله تعالى: (غلبت الروم في أدنى الأرض) الروم جيل من الناس على ساحل البحر الأبيض بالمغرب كانت لهم إمبراطورية وسيعة منبسطة إلى الشامات وقعت بينهم وبين الفرس حرب عوان في بعض نواحي الشام قريبا من الحجاز فغلبت الفرس وانهزمت الروم، والظاهر أن المراد بالأرض أرض الحجاز واللام للعهد.
قوله تعالى: (وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) ضمير الجمع الأول للروم وكذا الثالث وأما الثاني فقد قيل إنه للفرس والمعنى: والروم من بعد غلبة الفرس سيغلبون، ويمكن أن يكون الغلب من المصدر المبنى للمفعول والضمير للروم كالضميرين قبلها وبعدها فلا تختلف الضمائر والمعنى: والروم من بعد مغلوبيتهم سيغلبون. والبضع من العدد من ثلاثة إلى تسعة.
قوله تعالى: (لله الامر من قبل ومن بعد) قبل وبعد مبنيان على الضم فهناك مضاف إليه مقدر والتقدير لله الامر من قبل أن غلبت الروم ومن بعد أن غلبت يأمر بما يشاء فينصر من يشاء ويخذل من يشاء.
وقيل: المعنى لله الامر من قبل كونهم غالبين وهو وقت كونهم مغلوبين ومن بعد كونهم مغلوبين وهو وقت كونهم غالبين أي وقت كونهم مغلوبين ووقت كونهم غالبين والمعنى الأول أرجح ان لم يكن راجحا متعينا.
قوله تعالى: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) الظرف متعلق بيفرح وكذا قوله (ينصر) والمعنى: ويوم إذ يعلب الروم يفرح المؤمنون بنصر الله الروم، ثم استأنف وقال: (ينصر من يشاء) تقريرا لقوله: (لله الامر من قبل ومن بعد).
وقوله: وهو العزيز الرحيم) أي عزيز يعز بنصره من يشاء رحيم يخص برحمته من يشاء.
وفى الآية وجوه أخر ضعيفة ذكروها:
منها: أن قوله: (ويومئذ) عطف على قوله: (من قبل) والمراد به شمول سلطنته تعالى لجميع الأزمنة الثلاثة: الماضي والمستقبل والحال كأنه قيل: لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ ثم ابتدأ وقيل: يفرح المؤمنون بنصر الله. وفيه أنه يبطل
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست