تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٢٠
قوله تعالى: (فما كان جواب قومه الا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار) الخ، تفريع على قوله في صدر القصة: (وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه).
وظاهر قوله: (قالوا اقتلوه أو حرقوه) أن كلا من طرفي الترديد قول طائفة منهم والمراد بالقتل القتل بالسيف ونحوه فهو قولهم أول ما ائتمروا ليجازوه وان اتفقوا بعد ذلك على احراقه كما قال (قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم) الأنبياء: 68، ويمكن أن يكون الترديد من الجميع لترددهم في أمره أولا ثم اتفاقهم على احراقه.
وقوله: (فأنجاه الله من النار) فيه حذف وايجاز وتقديره ثم اتفقوا على احراقه فأضرموا نارا فألقوه فيها فأنجاه الله منها، وقد فصلت القصة في مواضع من كلامه تعالى.
قوله تعالى: (وقال انما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا إلى آخر الآية إذ كان لا حجة عقلية لهم على اتخاذ الأوثان لم يبق لهم مما يستنون به الا الاستنان بسنة من يعظمونه ويحترمون جانبه كالآباء للأبناء والرؤساء المعظمين لاتباعهم والأصدقاء لأصدقائهم وبالآخرة الأمة لافرادها فهذا السبب الرابط هو عمدة ما يحفظ السنن القومية معمولا بها قائمة على ساقها.
فالاستنان بسنة الوثنية بالحقيقة من آثار المودات الاجتماعية يرى العامة ذلك بعضهم من بعض فتبعثه المودة القومية على تقليده والاستنان به مثله ثم هذا الاستنان نفسه يحفظ المودة القومية ويقيم الاتحاد والاتفاق على ساقه.
هذه حال العامة منهم وأما الخاصة فربما ركنوا في ذلك إلى ما يحسبونه حجة وما هو بحجة كقولهم: ان الله سبحانه أجل من أن يحيط به حس أو وهم أو عقل فلا يتعلق به توجهنا العبادي فمن الواجب أن نتقرب إلى بعض من له به عناية كالملائكة والجن ليقربونا إليه زلفى ويشفعوا لنا عنده.
فقوله: (انما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا) خطاب منه ع لعامة قومه في أمر اتخاذهم الأوثان للمودة القومية ليصلحوا به شأن حياتهم الدنيا الاجتماعية، وقد أجابوه بذلك حيث سألهم عن شأنهم (إذ قال لأبيه وقومه
(١٢٠)
مفاتيح البحث: الحج (2)، القتل (2)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست