تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١١٩
لهم عذاب أليم) خطاب مصروف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم خارج من مقول القول السابق (قل سيروا في الأرض) الخ والمطلوب فيه أن ينبئه صلى الله عليه وآله وسلم صريح الحق فيمن يشقى ويهلك يوم القيامة فإنه أبهم ذلك في قوله أولا: (يعذب من يشاء ويرحم من يشاء).
ومن الدليل عليه الخطاب في (أولئك) مرتين ولو كان من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقيل: (أولئكم).
ويؤيد ذلك أيضا قوله: (من رحمتي) فان الانتقال من مثل قولنا: أولئك يئسوا من رحمة الله أو من رحمته بسياق الغيبة على ما يقتضيه المقام إلى قوله: (أولئك يئسوا من رحمتي) يفيد التصديق والاعتراف مضافا إلى أصل الاخبار فيفيد صريح التعيين لأهل العذاب، ويؤيد ذلك أيضا تكرار الإشارة وما في السياق من التأكيد.
وكان في تخصيص النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الاخبار تقوية لنفسه الشريفة وعزلا لهم عن صلاحية السمع لمثله وهم لا يؤمنون.
والمراد بآيات الله - على ما يفيده اطلاق اللفظ - جميع الأدلة الدالة على الوحدانية والنبوة والمعاد من الآيات الكونية والمعجزات النبوية ومنها القرآن فالكفر بآيات الله يشمل بعمومه الكفر بالمعاد فذكر الكفر باللقاء وهو المعاد بعد الكفر بالآيات من ذكر الخاص بعد العام والوجه فيه الإشارة إلى أهمية الايمان بالمعاد إذ مع انكار المعاد يلغو أمر الدين الحق من أصله وهو ظاهر.
والمراد بالرحمة ما يقابل العذاب ويلازم الجنة وقد تكرر في كلامه تعالى اطلاق الرحمة عليها بالملازمة كقوله: (فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته) الجاثية: 30، وقوله: (يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما) الانسان: 31.
والمراد باسناد اليأس إليهم اما تلبسهم به حقيقة فإنهم لجحدهم الحياة الآخرة آيسون من السعادة المؤبدة والجنة الخالدة واما انه كناية عن قضائه تعالى المحتوم أن الجنة لا يدخلها كافر.
والمعنى: والذين جحدوا آيات الله الدالة على الدين الحق وخاصة المعاد أولئك يئسوا من الرحمة والجنة وأولئك لهم عذاب أليم.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست