تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٣٤٣
اخترتك فاستمع لما يوحى " طه: 13. ويستأنس منه أن المراد بمن حول النار موسى أو هو ممن حول النار، ومباركته اختياره بعد تقديسه.
وأما المراد بمن في النار فقد قيل: إن معناه من ظهر سلطانه وقدرته في النار فإن التكليم كان من الشجرة - على ما في سورة القصص - وقد أحاطت بها النار، وعلى هذا فالمعنى: تبارك من تجلى لك بكلامه من النار وبارك فيك، ويكون قوله:
" وسبحان الله رب العالمين " تنزيها له سبحانه من أن يكون جسما أو جسمانيا يحيط به المكان أو يجاوره الحدثان لا لتعجيب موسى كما قيل.
وقيل: المراد بمن في النار الملائكة الحاضرون فيها كما أن المراد بمن حولها موسى عليه السلام.
و قيل: المراد به موسى عليه السلام وبمن حولها الملائكة.
وقيل: في الكلام تقدير والأصل بورك من في المكان الذي فيه النار - وهو البقعة المباركة التي كانت فيها الشجرة كما في سورة القصص ومن فيها هو موسى وحولها هي الأرض المقدسة التي هي الشامات، ومن حولها هم الأنبياء القاطنون فيها من آل إبراهيم وبني إسرائيل.
وقيل: المراد بمن في النار نور الله تعالى وبمن حولها موسى.
وقيل: المراد بمن في النار الشجرة فإنها كانت محاطة بالنار بمن حولها الملائكة المسبحون.
وأكثر هذه الوجوه لا يخلو من تحكم ظاهر.
قوله تعالى: " يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم " تعرف منه تعالى لموسى عليه السلام ليعلم أن الذي يشافهه بالكلام ربه تعالى فهذه الآية في هذه السورة تحاذى قوله من سورة طه " نودي أن يا موسى إني أنا ربك فاخلع " الخ، فارجع إلى سورة طه وتدبر في الآيات.
قوله تعالى: " وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب " الخ، الاهتزاز التحرك الشديد، والجان الحية الصغيرة السريعة الحركة، والادبار خلاف الاقبال، والتعقيب الكر بعد الفر من عقب المقاتل إذا كر بعد فراره.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست