تعالى في مؤمني الجن: " وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين " الأحقاف: 29، وقال في المتفقهين من المؤمنين: " ليتفقهوا في الدين لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم " براءة: 122.
وإنما ذكر إنذاره صلى الله عليه وآله وسلم غاية لانزال القرآن دون نبوته أو رسالته لان سياق آيات السورة سياق التخويف والتهديد.
وقوله " بلسان عربي مبين " أي ظاهر في عربيته أو مبين للمقاصد تمام البيان والجار والمجرور متعلق بنزل أي أنزله بلسان عربي مبين.
وجوز بعضهم ان يكون متعلقا بقوله: " منذرين " والمعنى أنزله على قلبك لتدخل في زمرة الأنبياء من العرب وقد ذكر منهم في القرآن هود وصالح وإسماعيل وشعيب عليهم السلام وأول الوجهين أحسنهما.
قوله تعالى: " وإنه لفي زبر الأولين " الضمير للقرآن أو نزوله على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والزبر جمع زبور وهو الكتاب والمعنى وإن خبر القرآن أو خبر نزوله عليك في كتب الماضين من الأنبياء.
وقيل: الضمير لما في القرآن من المعارف الكلية اي إن المعارف القرآنية موجودة مذكورة في كتب الأنبياء الماضين.
وفيه أولا: ان المشركين ما كانوا يؤمنون بالأنبياء وكتبهم حتى يحتج عليهم بما فيها من التوحيد والمعاد وغيرهما، وهذا بخلاف ذكر خبر القرآن ونزوله على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كتب الأولين فإنه حينئذ يكون ملحمة تضطر النفوس إلى قبولها.
وثانيا: أنه لا يلائم الآية التالية.
قوله تعالى: " أو لم يكن لهم آية ان يعلمه علماء بني إسرائيل " ضمير " أن يعلمه " لخبر القرآن أو خبر نزوله على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي أو لم يكن علم علماء بني إسرائيل بخبر القرآن أو نزوله عليك على سبيل البشارة في كتب الأنبياء الماضين آية للمشركين على صحة نبوتك وكانت اليهود تبشر بذلك وتستفتح على العرب به كما مر في قوله تعالى:
" وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا " البقرة: 89.
وقد أسلم عدة من علماء اليهود في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم واعترفوا بأنه مبشر به في