قوله تعالى: " فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم ". الخ، أي أن علمتم بعدم وجود أحد فيها - وهو الذي يملك الاذن - فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم من قبل من يملك الاذن، وليس المراد به أن يتطلع على البيت وينظر فيه فإن لم ير فيه أحدا كف عن الدخول فإن السياق يشهد على أن المنع في الحقيقة عن النظر والاطلاع على عورات الناس.
وهذه الآية تبين حكم دخول بيت الغير وليس فيه من يملك الاذن، والآية السابقة تبين حكم الدخول وفيه من يملك الاذن ولا يمنع، وأما دخوله وفيه من يملك الاذن ويمنع ولا يأذن فيه فيبين حكمه قوله تعالى: " وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم ".
قوله تعالى: " ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم " الخ، ظاهر السياق كون قوله: " فيها متاع لكم " صفة بعد صفة لقوله: " بيوتا " لا جملة مستأنفة معللة لقوله: " ليس عليكم جناح "، والظاهر أن المتاع بمعنى الاستمتاع.
ففيه تجويز الدخول في بيوت معدة الأنواع الاستمتاع وهي غير مسكونة بالطبع كالخانات والحمامات والارحية ونحوها فإن كونها موضوعة للاستمتاع إذن عام في دخولها.
وربما قيل: إن المراد بالمتاع المعنى الاسمي وهو الأثاث والأشياء الموضوعة للبيع والشرى كما في بيوت التجارة والحوانيت فإنها مأذونة في دخولها إذنا عاما ولا يخلو من بعد لقصور اللفظ.
قوله تعالى: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون " الغض إطباق الجفن على الجفن، والابصار جمع بصر وهو العضو الناظر، ومن هنا يظهر أن " من " في " من أبصارهم " لابتداء الغاية لا مزيدة ولا للجنس ولا للتبعيض كما قال بكل قائل، والمعنى يأتوا بالغض آخذا من أبصارهم.
فقوله: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " لما كان " يغضوا " مترتبا على