تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٠٤
يحزنك عليه ما هو إلا ابن جريح، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام وأمره بقتله.
فذهب علي عليه السلام ومعه السيف وكان جريح القبطي في حائط فضرب علي عليه السلام باب البستان فأقبل جريح له ليفتح الباب فلما رأى عليا عليه السلام عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان فوثب علي عليه السلام على الحائط ونزل إلى البستان واتبعه وولى جريح مدبرا فلما خشي أن يرهقه (1) صعد في نخلة وصعد علي عليه السلام في أثره فلما دنا منه رمي بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء.
فانصرف علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: يا رسول الله إذا بعثتني في الامر أكون كالمسمار المحمي في الوبر أم أثبت؟ قال: لا بل تثبت. قال: والذي بعثك بالحق ما له ما للرجال وما له ما للنساء، فقال: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت.
وفيه في رواية عبيد الله بن موسى عن أحمد بن راشد عن مروان بن مسلم عن عبد الله بن بكير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقتل القبطي وقد علم أنها كذبت عليه أولم يعلم؟ وقد دفع الله عن القبطي القتل بتثبيت علي عليه السلام فقال: بل كان والله علم، ولو كان عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما انصرف علي عليه السلام حتى يقتله، ولكن إنما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لترجع عن ذنبها فما رجعت ولاشتد عليها قتل رجل مسلم.
أقول: وهناك روايات أخر تدل على مشاركة غيرها معها في هذا الرمي، وجريح هذا كان خادما خصيا لمارية أهداه معها مقوقس عظيم مصر لرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأرسله معها ليخدمها.
وهذه الروايات لا تخلو من نظر:
أما أولا: فلان ما فيها من القصة لا يقبل الانطباق على الآيات ولا سيما قوله: " إن

(1) أرهقه: أدركه.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست