تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٤٨
مبالغه في اخفائها وتأييدا لكونها مباغتة مفاجئة، وقد كثر ذكرها في كلامه ولم يذكر في شئ منه لها فاعل بل كان التعبير مثل " آتية " " تأتيهم " " قائمه " " تقوم " ونحو ذلك.
وأما المظروف وهو إحياء الموتى من الانسان فهو المذكور في قوله: " وأن الله يبعث من في القبور ".
فإن قلت الحجة المذكورة تنتج البعث لجميع الأشياء لا للانسان فحسب لان الفعل بلا غاية لغو باطل سواء كان هو الانسان أو غيره لكن الآية تكتفى بالانسان فقط.
قلت: قصر الآية النتيجة في الانسان فقط لا ينافي ثبوت نظير الحكم في غيره لكن الذي تمسه الحاجة في المقام بعث الانسان على أنه يمكن أن يقال: أن نفى المعاد عن الأشياء غير الانسان لا يستلزم كون فعلها باطلا منه تعالى لأنها مخلوقة لأجل الانسان فهو الغاية لخلقها والبعث غاية لخلق الانسان.
هذا ما يعطيه التدبر في سياق الآيات الثلاث وعرضها على سائر الآيات المتعرضة لاثبات المعاد على تفننها، وبه يظهر وجه الاكتفاء من النتائج المترتبة عليها بهذه النتائج المعدودة بحسب المترائى من اللفظ خمسا وهي في الحقيقة ثلاث موضوعة في الآية الثانية مستخرجة من الأولى، وواحدة موضوعة في الآية الثالثة مستخرجة من الثلاث الموضوعة في الثانية.
وبه يندفع أيضا شبهة التكرار المتوهم من قوله: " وأنه يحيي الموتى " " وأن الساعة آتية " " وأن الله يبعث من في القبور " إلى غير ذلك.
وللقوم في تفسير الآيات الثلاث وتقرير حجتها وجوه كثيرة مختلفة لا ترجع إلى جدوى وقد أضافوا في جميعها إلى حجة الآية مقدمات أجنبية تختل بها سلاسه النظم واستقامة الحجة، وقد طوينا ذكرها فمن أراد الوقوف عليها فليراجع مطولات التفاسير.
قوله تعالى: " ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير " صنف آخر من الناس المعرضين عن الحق، قال في كشف الكشاف على ما نقل: " إن الاظهر في النظم والاوفق للمقام أن هذه الآية في المقلدين بفتح اللام والآية السابقة " ومن الناس من يجادل إلى قوله: مريد " في المقلدين بكسر اللام انتهى محصلا.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست