تثبته من طريق حقية فعله تعالى والآية المبحوث عنها تثبته من طريق حقيته تعالى في نفسه المستلزمة لحقية فعله.
ثم لما كان من الممكن أن يتوهم استحالة إحياء الموتى فلا ينفع البرهان حينئذ دفعه بقوله: " وأنه يحيى الموتى فإحياؤه تعالى الموتى بجعل التراب الميت إنسانا حيا وجعل الأرض الميتة نباتا حيا واقع مستمر مشهود فلا ريب في امكانه وهذه الجملة أيضا في مجرى قوله تعالى: " قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ": يس: 79 وسائر الآيات المثبتة لامكان البعث والاحياء ثانيا من طريق ثبوت مثله أولا.
ثم لما أمكن أن يتوهم أن جواز الاحياء الثاني لا يستلزم الوقوع بتعلق القدرة به استبعادا له واستصعابا دفعه بقوله: " وأنه على كل شئ قدير " فإن القدرة لما كانت غير متناهية كانت نسبتها إلى الاحياء الأول والثاني وما كان سهلا في نفسه أو صعبا على حد سواء فلا يخالطها عجز ولا يطرء عليها عي وتعب.
وهذه الجملة أيضا في مجرى قوله تعالى: " أفعيينا بالخلق الأول: ق 15 وقوله:
" إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شئ قدير: حم السجدة: 39 وسائر الآيات المثبتة للبعث بعموم القدرة وعدم تناهيها.
فهذه أعني ما في قوله تعالى: " ذلك بأن الله " إلى آخر الآية نتائج ثلاث مستخرجة من الآية السابقة عليها مسوقه جميعا لغرض واحد وهو ذكر ما يثبت به البعث وهو الذي تتضمنه الآية الأخيرة " وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ".
ولم تتضمن الآية إلا بعث الأموات والظرف الذي يبعثون فيه فأما الظرف وهو الساعة فذكره في قوله: " وأن الساعة آتية لا ريب فيها " ولم ينسب إتيانها إلى نفسه بأن يقال مثلا: " وأن الله يأتي بالساعة أو ما في معناه ولعل الوجه في ذلك اعتبار كونها لا تأتي إلا بغتة لا يتعلق به علم قط كما قال: " لا تأتيكم إلا بغته.
وقال: " قل إنما علمها عند الله " الأعراف " 187: " وقال إن الساعة آتيه أكاد أخفيها " طه: 15 فكان عدم نسبتها إلى فاعل كعدم ذكر وقتها وكتمان مرساها