تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٤٦
وقوله وأنه يحيى الموتى " معطوف على ما قبله أي المذكور في الآية السابقة من صيرورة التراب الميت بالانتقال من حال إلى حال إنسانا حيا وكذا صيرورة الأرض الميتة بنزول الماء نباتا حيا واستمرار هذا الامر بسبب أن الله يحيى الموتى ويستمر منه ذلك.
وقوله: " وأنه على كل شئ قدير " معطوف على سابقه كسابقه والمراد أن ما ذكرناه بسبب أن الله على كل شئ قدير وذلك أن إيجاد الانسان والنبات وتدبير أمرهما في الحدوث والبقاء مرتبط بما في الكون من وجود أو نظام جار في الوجود وكما أن إيجادهما وتدبير أمرهما لا يتم إلا مع القدرة عليهما كذلك القدرة عليهما لا تتم إلا مع القدرة على كل شئ فخلقهما وتدبير أمرهما بسبب عموم القدرة وإن شئت فقل:
ذلك يكشف عن عموم القدرة.
قوله تعالى: " وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور " الجملتان معطوفتان على " أن " في قوله: " ذلك بأن الله ".
وأما الوجه في اختصاص هذه النتائج الخمس المذكورة في الآيتين بالذكر مع أن بيان السابقة ينتج نتائج أخرى مهمة في أبواب التوحيد كربوبيته تعالى ونفي شركاء العبادة وكونه تعالى عليما ومنعما وجوادا وغير ذلك.
فالذي يعطيه السياق - والمقام مقام إثبات البعث - وعرض هذه الآيات على سائر الآيات المثبتة للبعث أن الآية تؤم إثبات البعث من طريق إثبات كونه تعالى حقا على الاطلاق فإن الحق المحض لا يصدر عنه إلا الفعل الحق دون الباطل، ولو لم يكن هناك نشأه أخرى يعيش فيها الانسان بما له من سعادة أو شقاء واقتصر في الخلقة على الايجاد ثم الاعدام ثم الايجاد ثم الاعدام وهكذا كان لعبا باطلا فكونه تعالى حقا لا يفعل إلا الحق يستلزم نشأة البعث استلزاما بينا فإن هذه الحياة الدنيا تنقطع بالموت فبعدها حياة أخرى باقية لا محالة.
فالآية أعني قوله: " فإنا خلقناكم من تراب إلى قوله - ذلك بأن الله هو الحق " في مجرى قوله: " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق " الدخان: 39 وقوله: " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا " ص - 27 وغيرهما من الآيات المتعرضة لاثبات المعاد، وإنما الفرق أنها
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست